المطر» ، فابتسم السير جيمس وفتح شمسيته على الفور. فقلت له : «وأما الأمر الآخر ، فهو : ما الذي يدفع رجلا ذائع الصيت في العالم ـ مثلك ـ أن يتوجه إلى الكنيسة؟» وأمام هذا السؤال توقف السير جيمس لحظة ، ثم قال : «عليك اليوم أن تأخذ شاي المساء عندي». وعند ما وصلت إلى داره في المساء ، خرجت «ليدي جيمس» في تمام الساعة الرابعة ، بالضبط ، وأخبرتني أن السير جيمس ينتظرني. وعند ما دخلت عليه في غرفته ، وجدت أمامه منضدة صغيرة موضوعة عليها أدوات الشاي. وكان البروفيسور منهمكا في أفكاره. وعند ما شعر بوجودي ، سألني : «ما ذا كان سؤالك؟» ، ودون أن ينتظر ردي ، بدأ يلقي محاضرة عن تكوين الأجرام السماوية ، ونظامها المدهش ، وأبعادها ، وفواصلها اللامتناهية ، وطرقها ، ومداراتها وجاذبيتها ، وطوفان أنوارها المذهلة ، حتى أنني شعرت بقلبي يهتز بهيبة الله ، وجلاله. وأما (السير جيمس) فوجدت شعر رأسه قائما ، والدموع تنهمر من عينيه ، ويداه ترتعدان من خشية الله ، وتوقف فجأة. ثم بدأ يقول : «يا عناية الله! عند ما ألقي نظرة على روائع خلق الله يبدأ وجودي يرتعش من الجلال الإلهي ، وعند ما أركع أمام الله ، وأقول له : «إنك لعظيم!» أجد أن كل جزء من كياني يؤيدني في هذا الدعاء ، وأشعر بسكون ، وسعادة عظيمين ، وأحس بسعادة تفوق سعادة الآخرين ألف مرة ، أفهمت ، يا عناية الله خان ، لما ذا أذهب إلى الكنيسة؟!».
ويضيف العلامة عناية الله قائلا : لقد أحدثت هذه المحاضرة طوفانا في عقلي. وقلت له : «يا سيدي لقد تأثرت جدا بالتفاصيل العلمية التي رويتموها لي ، وتذكرت بهذه المناسبة آية من آي كتابي المقدس ، فلو سمحتم لي ، لقرأتها عليكم» فهز رأسه قائلا : «بكل سرور» ، فقرأت عليه الآية التالية :
(وَمِنَ الْجِبالِ جُدَدٌ بِيضٌ وَحُمْرٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوانُها وَغَرابِيبُ سُودٌ (٢٧) وَمِنَ النَّاسِ وَالدَّوَابِّ وَالْأَنْعامِ مُخْتَلِفٌ أَلْوانُهُ كَذلِكَ إِنَّما يَخْشَى اللهَ مِنْ عِبادِهِ الْعُلَماءُ إِنَّ اللهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ) سورة فاطر آية ٢٧.