تصبح جزءا من لحمه ؛ ولذلك يشكو الخنزير من آلام المفاصل ، والذين يأكلون لحمه ، هم الآخرون ، يشكون من آلام المفاصل ، والروماتيزم (١) ، وما إلى ذلك من الأمراض المماثلة (٢).
إن الباحث في القرآن الكريم يجد أمثلة لا حصر لها من هذا القبيل الذي أشرنا إلى بعضه في الصفحات الماضية ، وهي دليل قطعي على أن القرآن صادر عن عقل غير إنساني. وتؤكد البحوث التي اضطلع بها العلماء في العصر الحاضر بطريقة مدهشة صدق تكلم النبوءة ، التي وردت في القرآن الكريم : (سَنُرِيهِمْ آياتِنا فِي الْآفاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُ) سورة فصلت آية ٥٣.
وسوف أختم هذا الباب بواقعة رواها العالم الهندي المغفور له الدكتور عناية الله المشرقي ، وهو يقول :
«كان ذلك يوم أحد ، من أيام سنة ١٩٠٩ ، وكانت السماء تمطر بغزارة ، وخرجت من بيتي لقضاء حاجة ما ، فإذا بي أرى الفلكي المشهور السير جيمس جينز ـ الأستاذ بجامعة كمبردج ـ ذاهبا إلى الكنيسة ، والإنجيل ، والشمسية تحت إبطه ، فدنوت منه ، وسلمت عليه ، فلم يرد علي ، فسلمت عليه مرة أخرى ، فسألني : «ما ذا تريد مني؟» فقلت له : «أمرين ، يا سيدي! الأول هو : أن شمسيتك تحت إبطك رغم شدة
__________________
(١) ليكن مفهوما هنا أنه عند وصف تأثير أي غذاء ، لا يمكن إلا بيان تأثيره الذاتي من المنافع والمضار ، وليس معناه أن تأثير ذلك الغذاء سوف يكون واحدا لدى كل إنسان يأكله. والسبب في ذلك أن الإنسان لا يأكل بمفرده ، وإنما يبتلعه مع مأكولات من أنواع عديدة ، ولذلك قد ينقص تأثير ذلك الغذاء ، أو يزول في بعض الأحايين ، نتيجة ردود الفعل والأغذية المضادة لتأثير ذلك الغذاء ، وعلى رغم ذلك كله فلا يمكننا وصف تأثير أي شيء إلا بما عرف عنه بصفته الفردية.
(٢) لعل العلة الأخرى في تحريم الخنزير أساسا أنه حيوان قذر ، يأكل النجاسات ، فإلى جانب التحريم القطعي النصي له ، يمكن أن نلحظ فيه علة تحريم (الجلالة) التي تأكل النجاسة ، فقد نهى الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم عن أكلها أو شرب ألبانها ، أنظر : بداية المجتهد لابن رشد ج ٢ ص ٤٨٢.