المشاهدة الحديثة ، ونستطيع ، بكل ثقة ، أن نقول : إنّ المراد من «البرزخ» إنّما هو «المط أو التمدد السطحي» ، الذي يوجد في الماءين ، والذي يفصل أحدهما عن الآخر.
ويمكن فهم هذا المط السطحي بمثال بسيط ، وهو : أنك لو ملأت كوبا بالماء ، فإنّه لن يفيض إلّا إذا ارتفع عن سطح الكوب قدرا معينا .. والسبب في ذلك أنّ «جزئيات» السوائل عند ما لا تجد شيئا تتصل به فوق سطح الكوب ، تتحول إلى ما هو تحتها ، وعندئذ توجد «غشاوة مرنة» ElasticFilm على سطح الماء ، وهذه الغشاوة هي التي تمنع الماء من الخروج عن الكوب لمسافة معينة ، وهي غشاوة قوية لدرجة أنك لو وضعت عليها إبرة من حديد ، فإنّها لن تغوص! وهذه الظاهرة هي ما يسمى بالمط السطحي ، الذي يحول دون اختلاط الماء ، والزيت ، والذي يفصل بين الماء العذب ، والملح.
ب ـ وجاءت في القرآن بيانات مماثلة ، وعلى سبيل المثال : (اللهُ الَّذِي رَفَعَ السَّماواتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَها) سورة الرعد آية ٢.
هذه الآية مطابقة لما كان يراه الرجل القديم ، فإنه كان يشاهد عالما كبيرا قائما بذاته في الفضاء ، مكونا من الشمس ، والقمر ، والنجوم ، ولكنه لم ير لها أية ساريات أو أعمدة ، والرجل الجديد يجد في هذه الآية تفسيرا لمشاهدته ، التي تثبت أن الأجرام السماوية قائمة دون عمد في الفضاء اللانهائي ، بيد أن هنالك «عمدا غير مرئية» ، تتمثل في قانون «الجاذبية» Gravitationpull ، وهي التي تساعد كل هذه الأجرام على البقاء في أمكنتها المحددة.
ج ـ وقد قال القرآن عن الشمس ، والنجوم : (وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ) سورة يس آية ٤٠.
وكان الإنسان في العصر الغابر يشاهد أن النجوم تتحرك ، وتبتعد عن أمكنتها بعد وقت معين. ولذلك لم يكن هذا التعبير القرآني موضع دهشتهم ، واستغرابهم ، ولكن البحوث الحديثة قد خلعت على هذه