أخوات «إن» والقول «يا ليتني» إذا كان المنادى فيه محذوفا فإن القول الآخر الشهير «ليت شعري هل ننجح» يكون فيه خبر «ليت» محذوفا وتكون الجملة «هل ننجح» في محل نصب مفعولا به للمصدر «شعري» أي شعوري.
** (إِنْ أَنْتَ إِلَّا نَذِيرٌ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة الثالثة والعشرين .. المعنى : ما أنت إلا منذر : أي مخوف من عصاك بالنار فحذف مفعول اسم الفاعل «منذر» أي مخوف وهو «من» لأن كلمة «نذير» من صيغ المبالغة ـ فعيل بمعنى فاعل ـ أي منذر ومثله في التقدير ما جاء في الآية الكريمة الرابعة والعشرين (إِنَّا أَرْسَلْناكَ بِالْحَقِّ بَشِيراً وَنَذِيراً) بمعنى مبشرا للمؤمنين .. ومنذرا للكافرين أي مبشرا بالجنة من أطاعك ومحذرا بالنار من عصاك.
** (وَإِنْ يُكَذِّبُوكَ فَقَدْ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ) : ورد هذا القول الكريم في بداية الآية الكريمة الخامسة والعشرين .. والمخاطب هو الرسول الكريم محمد ـ صلىاللهعليهوسلم ـ المعنى : وإن يكذبك يا محمد كفار قومك فقد كذب الذين سبقوهم رسلهم أو أنبياءهم .. وفي القول الكريم تسرية للرسول الكريم ـ صلىاللهعليهوسلم ـ وحذف مفعول «كذب» اختصارا وهو «رسلهم .. أنبياءهم» لأن ما قبله «يكذبوك» دال عليه.
** (جاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّناتِ وَبِالزُّبُرِ وَبِالْكِتابِ الْمُنِيرِ) : أنث الفعل «جاءت» مع فاعله المذكر «رسل .. جمع رسول» وذلك على اللفظ لا المعنى .. أي جماعة الرسل .. فلا تحزن أيها النبي. والمراد بالبينات أي بالآيات البينات : بمعنى بالبراهين والحجج .. فحذف الموصوف «الآيات» وأقيم النعت ـ الصفة ـ وهو «البينات» مقامه .. و «الزبر» جمع «زبور» يقال : زبرت الكتاب ـ أزبره ـ زبرا .. بمعنى : كتبته فهو زبور ـ فعول بمعنى : مفعول ـ والفعل من باب «قتل» ويقال : زبره ـ يزبره ـ زبرا : أي زجره ونهره وبمصغر المصدر «زبر» سمي ومنه : الزبير بن العوام وهو أحد الصحابة العشرة المبشرين بالجنة .. و «الزبور» هو كتاب داود ـ عليهالسلام ـ وزبير ـ بوزن كريم ـ يقال : هو اسم الجبل الذي كلم الله تعالى موسى ـ عليهالسلام ـ وبه سمي أيضا .. ومنه عبد الرحمن بن الزبير ـ صحابي ـ و «الزبير» مصدر الفعل «زبر» أيضا الكتابة وهو من بابي «ضرب» و «نصر» والكتاب المنير : هو الصحف والكتب النيرة وفيه شرائع وأحكام .. كالتوراة والإنجيل والكتب الإلهية المكتوبة كصحف إبراهيم وموسى ..
** (أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً فَأَخْرَجْنا بِهِ ثَمَراتٍ) : ورد هذا القول الكريم في الآية الكريمة السابعة والعشرين .. وفيه ما يسمى بعلم البلاغة : الالتفات أي جيء بالفعل «أخرجنا» معدولا به عن «أنزل» لفظ الغيبة إلى ما هو أدخل في الاختصاص وأدل عليه وهو المتكلم في «أخرجنا».
** (وَمِنَ الْجِبالِ جُدَدٌ بِيضٌ وَحُمْرٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوانُها وَغَرابِيبُ سُودٌ) : المعنى : ومن الجبال مخطط ذو جدد أي خطط وطرائق ومنها ما هو على لون واحد. وقد حذف المضاف ولا بد من تقديره ـ كما يقول الزمخشري ـ أي تقديره في قوله تعالى : (وَمِنَ الْجِبالِ جُدَدٌ) بمعنى : ومن الجبال ذو جدد .. حتى يتفق مع قوله تعالى : «ثمرات مختلفا ألوانها» مع تقدير في «ومن الجبال ذو جدد : أي ومن الجبال مختلف ألوانه. ولم ينون آخر «غرابيب» لأنه نهاية الجموع ثالث حروفه ألف وبعد الألف ثلاثة أحرف .. وسود مؤكد مؤخر لأن كلمة «غرابيب» توكيد للمؤكد «سود» وجاء التوكيد متقدما وهو يصح لغة على خلاف القياس .. لأننا نقول : أسود غربيب : أي حالك السواد أو هو الذي أبعد في السواد وأغرب فيه ومنه