** (لِكَيْ لا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ
حَرَجٌ فِي أَزْواجِ أَدْعِيائِهِمْ) : و «الأدعياء» جمع «دعي» وهو الملتحق بنسب غيره .. أما
«الادعاء» فهو مصدر الفعل «ادعى» يقال : ادعيت الشيء : بمعنى : تمنيته وادعيته أي
طلبته لنفسي والاسم : الدعوى. قال ابن فارس : الدعوة : هي اسم المرة وبعض العرب
يؤنثها بالألف فيقول : الدعوى وجمعها : الدعاوى ـ بكسر الواو وفتحها. قال الفيومي
: قال بعضهم : الفتح أولى لأن العرب آثرت التخفيف ففتحت وحافظت على ألف التأنيث
التي بني عليها المفرد وقال بعضهم : الكسر أولى وهو المفهوم من كلام سيبويه لانه
ثبت أن ما بعد ألف الجمع لا يكون إلا مكسورا وما فتح منه فمسموع لا يقاس عليه لأنه
خارج عن القياس وقال ابن السراج : الفتح والكسر سواء في الدعاوى ومثله : الفتوى ـ والفتاوى.
وقال اليزيدي : يقال : لي في هذا الأمر دعوى ودعاوى : أي مطالب وهي مضبوطة في بعض
النسخ بفتح الواو وكسرها معا. وقد يتضمن الادعاء معنى الإخبار فتدخل الباء جوازا
.. يقال : فلان يدعي بكرم فعاله : أي يخبر بذلك عن نفسه .. وادعى فلان في بني هاشم
: إذا انتسب إليهم .. وادعى عنهم : إذا عدل بنسبه عنهم كما يقال : رغب فيه .. ورغب
عنه. قال الشاعر بشامة بن حزن النهشلي :
إنا بني نهشل
لا ندعي لأب
|
|
عنه ولا هو
بالأبناء يشرينا
|
المعنى : إنا
لا ننتسب إلى أب غير أبينا رغبة عنه ولا هو يستبدل غيرنا رغبة عنا وهذا البيت من
أبيات الشاعر المذكور منها :
تكفيه إن نحن
متنا أن يسب بنا
|
|
وهو إذا ذكر
الآباء يكفينا
|
وليس يهلك
منا سيد أبدا
|
|
إلا افتلينا
غلاما سيدا فينا
|
لو كان في
الألف منا واحد فدعوا
|
|
من فارس
خالهم إياه يعنونا
|
** (ما كانَ مُحَمَّدٌ
أَبا أَحَدٍ مِنْ رِجالِكُمْ وَلكِنْ رَسُولَ اللهِ وَخاتَمَ النَّبِيِّينَ) : هذا القول الكريم ورد في الآية الكريمة الأربعين ..
المعنى : ما كان محمد ـ صلىاللهعليهوسلم ـ بأب حقيقي لأحد من رجالكم لأن كل رسول أبو أمته فيما
يرجع إلى وجوب التوقير والتعظيم له عليهم لا في سائر الأحكام الثابتة بين الآباء
والأبناء ثم إن أولاده الأربعة لم يعيشوا حتى عهد الرجولة .. وإذا كان محمد ـ صلىاللهعليهوسلم ـ قد تبنى زيد بن حارثة الذي زوجه ابنة عمه فإنه ما كان
أباه على الحقيقة فيثبت بينه وما بين الوالد وولده من حرمة المصاهرة وغيرها ولكنه
رسول الله وخاتم الأنبياء وهو أبو أمته. وعن جابر بن عبد الله ـ رضي الله عنهما ـ قال
: قال النبي محمد ـ صلىاللهعليهوسلم ـ : مثلي ومثل الأنبياء كرجل بنى دارا فأكملها وأحسنها
إلا موضع لبنة فجعل الناس يدخلونها ويتعجبون ويقولون : لو لا موضع اللبنة ـ أي لو
لا موضع اللبنة لكان بناء الدار كاملا ـ وزاد : وأنا موضع اللبنة جئت فختمت
الأنبياء فبعث ـ صلىاللهعليهوسلم ـ ليتمم مكارم الأخلاق ويقيم صروح الفضائل ويحث على
الآداب. وقوله «خاتم النبيين» معناه : أنه لو كان له ولد بالغ مبلغ الرجال لكان
نبيا ولم يكن هو خاتم الأنبياء كما يروى أنه ـ صلىاللهعليهوسلم ـ قال في ابنه «إبراهيم» حين توفي : لو عاش لكان نبيا.
وقد أخرج أولاده ـ صلىاللهعليهوسلم ـ الطاهر .. الطيب .. القاسم .. وإبراهيم من حكم النفي
بقوله تعالى : «من رجالكم» من وجهين : أحدهما ـ كما يقول الزمخشري ـ أن هؤلاء لم
يبلغوا مبلغ الرجال. والثاني : أنه قد أضاف الرجال إليهم وهؤلاء رجاله لا رجالهم.
أما «الحسن» و «الحسين» اللذان كان ـ صلىاللهعليهوسلم ـ أبا لهما فلم يبلغا مبلغ الرجال حينئذ .. وهما أيضا
من رجاله لا من رجالهم. وشيء آخر وهو أنه سبحانه