أيسرهما ما لم يكن إثما ، فإن كان إثما كان أبعد الناس منه ، وما انتقم رسول الله صلىاللهعليهوسلم لنفسه في شيء قط إلا أن تنتهك حرمة الله فينتقم» (١). وعن أنس قال : «كنت أمشي مع النبي صلىاللهعليهوسلم وعليه برد نجراني غليظ الحاشية فأدركه أعرابي فجبذه جبذة شديدة حتى نظرت إلى صفحة عاتق رسول الله صلىاللهعليهوسلم قد أثرت بها حاشية البرد من شدة جبذته ، ثم قال : مر لي من مال الله الذي عندك ، فالتفت إليه رسول الله صلىاللهعليهوسلم وضحك وأمر له بعطاء» (٢).
وعنه قال : «كان رسول الله صلىاللهعليهوسلم أحسن الناس خلقا وكان لي أخ يقال له : أبو عمير وهو فطيم كان إذا جاءنا قال : يا أبا عمير ما فعل النغير ، لنغير كان يلعب به» (٣). والنغير طائر صغير يشبه العصفور إلا أنه أحمر المنقار. وعن الأسود قال : «سألت عائشة : ما كان رسول الله صلىاللهعليهوسلم يفعل في بيته؟ قالت : كان في مهنة أهله فإذا حضرت الصلاة توضأ ويخرج إلى الصلاة» (٤). والمهنة : الخدمة ، وعن عبد الله بن الحارث قال : «ما رأيت أحدا أكثر تبسما من رسول الله صلىاللهعليهوسلم» (٥).
وعن أم الدرداء تحدث عن أبي الدرداء عن رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال : «إن أثقل شيء يوضع في ميزان المؤمن يوم القيامة خلق حسن ، وإن الله يبغض الفاحش البذيء» (٦). وعن أبي هريرة «أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال لأصحابه : أتدرون أكثر ما يدخل الناس النار؟ قالوا : الله ورسوله أعلم قال : فإن أكثر ما يدخل الناس النار الأجوفان الفرج والفم ، أتدرون أكثر ما يدخل الناس الجنة؟ قالوا : الله ورسوله أعلم. قال : فإن أكثر ما يدخل الناس الجنة تقوى الله وحسن الخلق» (٧).
وعن عائشة قالت : سمعت رسول الله صلىاللهعليهوسلم يقول : «إن المؤمن يدرك بحسن خلقه درجة قائم الليل وصائم النهار» (٨).
(فَسَتُبْصِرُ) أي : فستعلم عن قرب بوعد لا خلف فيه علما أنت في تحققه كالمبصر بالحس الباصر (وَيُبْصِرُونَ) أي : يعلم الذين رموك بالبهتان علما هو كذلك. وقوله تعالى : (بِأَيِّكُمُ الْمَفْتُونُ) فيه أربعة أوجه :
أحدها : أن الباء مزيدة في المبتدأ ، والتقدير : أيكم المفتون فزيدت كزيادتها في نحو :
__________________
(١) أخرجه البخاري في المناقب ٢٥٦٠ ، وأبو داود في الأدب حديث ٤٧٨٥ ، ومالك في حسن الخلق حديث ٢ ، وأحمد في المسند ٦ / ٣٢ ، ١١٤ ، ١١٦ ، ١٣٠ ، ١٨٢ ، ٢٢٣ ، ٢٢٩ ، ٢٣٢ ، ٢٦٢ ، ٢٨١.
(٢) أخرجه البخاري في الخمس حديث ٣١٤٩ ، ومسلم في الزكاة حديث ١٠٥٧ ، وأحمد في المسند ٣ / ٢١٠ ، ٢٢٤.
(٣) أخرجه البخاري في الأدب حديث ٦٢٠٣ ، ومسلم في الآداب حديث ٢١٥٠ ، وأبو داود في الأدب حديث ٤٩٦٩ ، والترمذي في الصلاة حديث ٣٣٣ ، وابن ماجه في الأدب باب ٢٤ ، وأحمد في المسند ٣ / ١١٥ ، ١١٩ ، ١٧١ ، ١٨٨ ، ١٩٠ ، ٢٠١ ، ٢١٢ ، ٢٢٣ ، ٢٧٨ ، ٢٨٨.
(٤) أخرجه البخاري في الأذان حديث ٦٧٦ ، والترمذي في القيامة باب ٤٥ ، وأحمد في المسند ٦ / ٤٩ ، ١٢٦ ، ٢٠٦.
(٥) أخرجه الترمذي في المناقب حديث ٣٦٤١ ، وأحمد في المسند ٤ / ١٩٠ ، ١٩١.
(٦) أخرجه الترمذي في البر حديث ٢٠٠٢ ، وأبو داود في الأدب حديث ٤٧٩٩.
(٧) أخرجه الترمذي في البر حديث ٢٠٠٤ ، وابن ماجه في الزهد باب ٢٩ وأحمد في المسند ٢ / ٢٩١ ، ٤٤٢.
(٨) أخرجه أبو داود في الأدب حديث ٤٧٩٨ ومالك في حسن الخلق حديث ٦.