١٠٠
إرشاد القلوب ، في مرفوعة الشيخ المفيد
إلى أنس بن مالك قال : كنت أنا وأبو ذرّ وسلمان وزيد بن أرقم عند النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم إذ دخل الحسن والحسين عليهماالسلام فقبّلهما رسول الله ، وقام أبو ذرّ
فانكبّ عليهما وقبَّل أيديهما ثمّ رجع فقعد معنا فقلنا له ، سِرٌّ يا أبا ذرّ ،
أنت رجل شيخ من أصحاب رسول الله تقوم إلى صبيين من بني هاشم فتنكبّ عليهما وتقبّل
أيديهما؟
فقال : نعم لو سمعتم ما سمعت فيهما من
رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم لفعلتم لهما
أكثر ممّا فعلت أنا ، فقلت ، وما سمعت يا أبا ذرّ ، قال : سمعته يقول لعلي عليهالسلام ولهما :
يا
علي ، واللّهِ لو أنّ رجلا صلّى وصامَ حتّى يصيرُ كالشنِّ البالي ـ أي القربة
الخَلِقَة ـ إذاً ما نفَعْتُه صلاتُه ولا صومُه إلاّ بحبِّكم.
يا
علي ، من تَوسّلَ إلى اللّهِ جلَّ شأنُه بحبِّكم ، فحقّ على اللّهِ ان لا يردَّهُ.
يا
علي ، من أحبّكم وتمسّكَ بكُم فقد تَمسّكَ بالعُروةِ الوثقى.
قال
: ثمّ قامَ أبو ذرّ وخَرج ، فتقدَّمْنا إلى رسولِ اللّهِ فقلنا ، أخبَرَنا أبو ذرّ
عنكَ بكَيت وكَيت ، فقال : صدقَ أبو ذرّ ، وصدقَ واللّهِ أبو ذرّ ، ما أظلَّتِ
الخضراءُ ولا أقلَّتِ الغبراءُ (١) على ذي لَهجة أَصدَق من أبي ذرّ ،
______________________________________________________
(١) أي ما أظلَّت السماء ولا حملت الأرض
إذ تسمّى السماء بالخضراء لأنّها تعطي الخضرة في لونها ، وكذلك تسمّى الأرض
بالغبراء لأنّها تعطي الغُبرة في لونها.