..................................................................................
______________________________________________________
وأمّا في الفروع فلأنّ الشقاوة فيها تعرض بكثرة الذنوب ، وإسوداد القلب ، ولا تكون من ذات الإنسان كما تلاحظه في الأحاديث الشريفة مثل حديث زرارة عن الإمام الباقر عليهالسلام إنّه قال : ما من عبد إلاّ وفي قلبه نكتة بيضاء ، فإذا أذنب ذنباً خرج من النكتة نكتة سوداء ، فإن تاب ذهب ذلك السواد ، وإن تمادى في الذنوب زاد ذلك السواد حتّى يغطّي البياض ، فإذا تغطّى البياض لم يرجع صاحبه إلى خير أبداً ، وهو قول الله عزّوجلّ : ( كَلاَّ بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِم مَّا كَانُوا يَكْسِبُونَ ) (١) » (٢).
خامساً : إنّ الذاتية في الشقاء خلاف الدليل العقلي في تعريف الذاتي .. وذلك لأنّ الذاتي إمّا أن يكون ذاتياً من باب الكليّات كالجنس والفصل والنوع مثل حيوانية الحيوان وإنسانية الإنسان وناطقيّته ..
وإمّا أن يكون ذاتياً في باب البرهان وهو ما ينتزع من نفس الذات من دون حاجة إلى ضمّ ضميمة كزوجيّة الأربعة ..
ومن المعلوم أنّ الشقاوه ليست منهما في شيء بالضرورة ، بل هي من الصفات العارضة على النفس كسائر الأوصاف النفسيّة ..
فلا تكون من سنخ ماهيّة الإنسان حتّى تكون ذاتيةً له.
بل يتوغّل العبد بإختياره في المعاصي فيصير شقيّاً ، كما يتواجد في الطاعات بإختياره فيكون سعيداً.
وقد خلقه الله تعالى ليرحمه ، وهداه السبيل ليُسعده ، ومنحه القيوميّة والإختيار .. فكان هو الإنسان بنفسه يختار لنفسه الخير أو الشرّ ، بعد أنْ هداه الله تعالى إلى سبيل الخير والأخيار ، ونهاه عن طريق الشرّ والأشرار ( إنّا هَدَيْناهُ السَّبِيلَ إمَّا
__________________
١ ـ سورة المطفّفين ، الآية ١٤.
٢ ـ اُصول الكافي ، ج ٢ ، ص ٢٧٣ ، باب الذنوب ، ح ٢٠.