فأكثر ولاء (مِنْ صِيامٍ) وهو ثلاثة أيام (أَوْ صَدَقَةٍ) وهي ثلاثة آصع من غالب قوت البلد على ستة مساكين ، لكل
واحد نصف صاع (أَوْ نُسُكٍ) وهو بدنة أو بقرة أو سبع واحد منهما أو شاة ، وعن كعب
بن عجرة أنّ رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال له : «لعلك آذاك هوامّ رأسك قال : نعم يا رسول الله
قال : احلق وصم ثلاثة أيام أو أطعم ستة مساكين أو انسك شاة» وكان كعب يقول : أنزلت فيّ هذه الآية ، وللتخيير وألحق
بالمعذور من حلق لغير عذر ؛ لأنه أولى بالكفارة ، وكذا من استمتع بغير الحلق
كالطيب والدهن واللبس لعذر أو غيره.
(فَإِذا أَمِنْتُمْ) من العدوّ بأن ذهب أو كنتم في حال سعة وأمن (فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ) أي : بسبب فراغه منها بمحظورات الإحرام (إِلَى الْحَجِ) أي : الإحرام به ، بأن يكون أحرم بها في أشهره (فَمَا اسْتَيْسَرَ) أي : فعليه ما تيسر (مِنَ الْهَدْيِ) وهو ما تقدّم بذبحه بعد الإحرام بالحج ويجوز تقديمه على
الإحرام به بعد الفراغ من العمرة (فَمَنْ لَمْ يَجِدْ) أي : الهدي لفقده أو فقد ثمنه (فَصِيامُ) أي : فعليه صيام (ثَلاثَةِ أَيَّامٍ
فِي الْحَجِ) أي : في حال إحرامه به ، ولا يجوز له أن يقدّمه على
الإحرام ؛ لأنه عبادة بدنية فلا يجوز تقديمه على وقته ولا تأخيره عنه ، والأفضل أن
يحرم قبل السادس لكراهة صوم عرفة ، ولا يجب عليه أن يحرم قبل زمن يسع الصوم بل
يستحب له لكن إذا أحرم وجب عليه الصوم ، ولا يجوز أن يصوم يوم النحر ولا أيام
التشريق على أصح قولي الشافعيّ وهو ما عليه الأكثر.
(وَسَبْعَةٍ) من الأيام (إِذا رَجَعْتُمْ) إلى وطنكم مكة أو غيرها ، وقيل : إذا فرغتم من أعمال
الحج وفيه النفقات عن الغيبة ، وفائدة قوله تعالى : (تِلْكَ عَشَرَةٌ) أن لا يتوهم أنّ الواو بمعنى أو كقولك جالس الحسن وابن
سيرين ، ألا ترى أنه لو جالسهما جميعا أو واحدا منهما كان ممتثلا ، وأن يعلم العدد
جملة كما علم تفصيلا ؛ ليحاط به من جهتين ، فيتأكد العلم ، فإن أكثر العرب لم
يحسنوا الحساب. وفي أمثال العرب : علمان خير من علم ، وأنّ المراد بالسبعة العدد
دون الكثرة فإنه يطلق لهما ، وقوله تعالى : (كامِلَةٌ) صفة مؤكدة تفيد المبالغة في محافظة العدد بأن لا يتهاون
بها ، ولا ينقص من عددها كما تقول للرجل ـ إذا كان لك اهتمام بأمر تأمره به وكان
منك بمنزلة ـ الله الله لا تقصر. أو مبينة كمال العشرة فإنه أوّل عدد كامل إذ به
تنتهي الآحاد وتتم مراتبها وقيل : كاملة في وقوعها بدلا من الهدي ، بحيث لا يقصر
ثواب الصوم عن ثواب الهدي.
(ذلِكَ) أي : الحكم المذكور من وجوب الهدي أو الصيام على من
تمتع (لِمَنْ لَمْ يَكُنْ
أَهْلُهُ حاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرامِ) وهم من مساكنهم دون مرحلتين من الحرم لقربهم منه
والقريب من الشيء يقال : إنه حاضره قال تعالى : (وَسْئَلْهُمْ عَنِ
الْقَرْيَةِ الَّتِي كانَتْ حاضِرَةَ الْبَحْرِ) [الأعراف ، ١٦٣] أي : قريبة منه ، وفي ذكر الأهل إشعار باشتراط الاستيطان
فلو أقام قبل أشهر الحج ولم يستوطن وتمتع فعليه ذلك ، وهو أصح قولي الشافعيّ
والثاني لا ، والأهل كناية عن النفس وألحق بالمتمتع فيما ذكر بالسنة القارن : وهو
من يحرم بالعمرة والحج معا أو يدخل الحج عليها قبل الطواف. (وَاتَّقُوا) بالمحافظة على أوامره ونواهيه وخصوصا في الحج (وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ شَدِيدُ
الْعِقابِ) لمن خالفه ليكون عملكم بشديد عقابه لطفا لكم في التقوى.
__________________