توجب في وقت ، فيكون تركها معصية ، ثم يقتصر من الناس على مقدار الوسع ، فلا يكون ترك الجهد معصية (١) ، وقوله : (وَلا تَمُوتُنَ) حث على الاستسلام قبل الموت ، وإن كان لفظه نهيا عن الموت (٢) كقولهم : لا أرينك هاهنا (٣). إن قيل : هل بين قولك : لا تموتن إلا مسلما ، وقولك : إلا وأنت مسلم فرق؟ قيل : قولك مسلما يقتضي ظاهره أن يكون الإسلام مقترنا به الموت ، لا متقدما
__________________
(١) قال الألوسي : «وادعى أبو علي الجبائي أن القول بالنسخ باطل لما يلزم عليه من إباحة بعض المعاصي ، وتعقبه الرماني بأنه وجه قوله تعالى : (اتَّقُوا اللهَ حَقَّ تُقاتِهِ) على أن يقوموا بالحق في الخوف والأمن لم يدخل عليه ما ذكره ، لأنه لا يمتنع أن يكون أوجب عليهم أن يتقوا الله سبحانه وتعالى على كل حال ، ثم أباح ترك الواجب عند الخوف على النفس ، كما قال سبحانه : (إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمانِ) [النحل : ١٠٦] وأنت تعلم أن ما ذكره الجبائي إنما يخطر بالبال حتى يجاب عنه إذا فسر (حَقَّ تُقاتِهِ) على تقدير النسخ بما فسره هو به من ترك جميع المعاصي ونحوه ، وإن لم يفسر بذلك بل فسر بما جنح إليه القائل بالنسخ ، فلا يكاد يخطر ما ذكره ببال ليحتاج إلى الجواب. نعم يكون القول بإنكار النسخ حينئذ مبنيّا على ما ذهب إليه المعتزلة من امتناع التكليف بما لا يطاق ابتداء كما لا يخفى». روح المعاني (٤ / ١٨).
(٢) انظر : الوسيط (١ / ٢١٦) ، وتفسير القرآن للسمعاني (١ / ٣٤٥) ، والمحرر الوجيز (٣ / ١٨١) ، والبحر المحيط (٣ / ٢٠).
(٣) هذا من أمثلة سيبويه ل «لا الناهية». انظر : الكتاب (٣ / ١٠١).