قوله : (وَمَنْ دَخَلَهُ كانَ آمِناً) يحمل قوله : (أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنا حَرَماً آمِناً)(١) ، وقوله : (وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثابَةً لِلنَّاسِ وَأَمْناً)(٢) ،
__________________
ـ الإسلام على ما كان في الجاهلية ، فلا يعرض أحد لقاتل وليّه إلا أنه يجب على المسلمين أن لا يبايعوه ، ولا يكلموه ولا يؤووه ، حتى يتبرم فيخرج من الحرم ، فيقام عليه الحد ، وقال بمثل هذا عطاء أيضا والشعبي ، وعبيد بن عمير ، والسدي ، وابن جبير وغيرهم ، إلا أن أكثرهم قالوا : هذا فيمن يقتل خارج الحرم ثم يعوذ بالحرم ، أما من قتل فيه فيقام عليه الحد فيه. واختلف فقهاء الأمصار إذا جنى في غير الحرم ، ثم التجأ إليه فقال أبو حنيفة ، وأبو يوسف ، ومحمد ، وزفر ، والحسن بن زياد ، وأحمد في رواية حنبل عنه : إن كانت الجناية في النفس لم يقتص منه ولا يخالط. وما فيما دون النفس اقتص منه في الحرم. وقال مالك في رواية : لا يقتص منه فيه لا بقتل ولا فيما دون النفس ولا يخالط. قالوا : وانعقد الإجماع على أن من جنى فيه لا يؤمن ، لأنه هتك حرمة الحرم وردّ الأمان ، فبقي حكم الآية فيمن جنى خارجا منه ثم التجأ إليه. وقالوا : هذا خبر معناه الأمر أي ومن دخله فأمّنوه وهو عام فيه أو في غيره ثم دخله ، لكن صدّ الإجماع عن العمل به فيمن جنى فيه ، وبقي حكم الآية مختصّا بمن جنى خارجا منه ثم دخله». البحر المحيط (٣ / ١١). وانظر : جامع البيان (٧ / ٢٩ ، ٣٤ ـ ٣٧) ، والنكت والعيون (١ / ٤١١) ، والوسيط (١ / ٤٦٧) ، ومعالم التنزيل (٢ / ٧١) ، والمحرر الوجيز (٣ / ١٦٨) ، وزاد المسير (١ / ٤٢٧) ، والجامع لأحكام القرآن (٤ / ١٤٠ ، ١٤١) ، وإرشاد العقل السليم (٢ / ٦١) ، وروح المعاني (٤ / ٦ ، ٧).
(١) سورة العنكبوت ، الآية : ٦٧.
(٢) سورة البقرة ، الآية : ١٢٥.