أن يتصل بقوله : (قُلْ إِنَّ الْهُدى)(١) فإذا جعلته متصلا بقوله : (وَلا تُؤْمِنُوا) فتقديره : ولا تؤمنوا بأن يؤتى أحد ، لكن حذف الجار لكثرة حذفه مع أن (٢). إن قيل : كيف يصح أن يكون (تُؤْمِنُوا) مفعوله (أَنْ يُؤْتى) وقد عدّي إلى قوله : (لِمَنْ تَبِعَ دِينَكُمْ) و «آمن» لا يصحّ أن يعدى إلى مفعولين بغير حرف
__________________
(١) فيكون المعنى : قل يا محمد إن الهدى هدى الله أن يؤتى أحد مثل ما أوتي أهل الإسلام. انظر هذا الوجه في : معاني القرآن للفراء (١ / ٢٢٢) ، وجامع البيان (٦ / ٥١٣) ، ومعاني القرآن وإعرابه (١ / ٤٣٠) ، وإعراب القرآن للنحاس (١ / ٣٨٧) ومشكل إعراب القرآن (١ / ١٦٢).
(٢) انظر المصادر السابق ذكرها في الوجه الأول. وقد رجح الطبري هذا القول ، فقال : وأولى الأقوال من ذلك بالصواب أن يكون قوله : (قُلْ إِنَّ الْهُدى هُدَى اللهِ) معترضا به ، وسائر الكلام متسق على سياق واحد ، فيكون تأويله حينئذ : ولا تؤمنوا إلا لمن تبع دينكم ، ولا تؤمنوا أن يؤتى أحد مثل ما أوتيتم بمعنى : لا يؤتى أحد مثل ما أوتيتم ... فيكون الكلام كله خبرا عن قول الطائفة التي قال الله عزوجل : (وَقالَتْ طائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ آمِنُوا بِالَّذِي أُنْزِلَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَجْهَ النَّهارِ) سوى قوله : (قُلْ إِنَّ الْهُدى هُدَى اللهِ) ...» جامع البيان (٦ / ٥١٥ ، ٥١٦).
وذهب إلى ذلك أيضا الواحدي في الوسيط (١ / ٤٥٠) ، والبغوي في معالم التنزيل (٢ / ٥٤) ، وأبو حيان في البحر المحيط (٢ / ٥١٨) ، وابن كثير في تفسير القرآن العظيم (١ / ٣٥٣). وانظر : المحرر الوجيز (٣ / ١٢٤ ، ١٢٥).