(وَما أُوتِيَ مُوسى وَعِيسى وَالنَّبِيُّونَ)(١) فقدّم ذكرهما ، وإن كانا من جملة النبيين ، وإنما قال : (وَاللهُ وَلِيُّ الْمُؤْمِنِينَ) ولم يقل : وليهم. تنبيها أن موالاة الله تعالى تستحق بالإيمان ، وأنها ليست بمقصورة على من تقدم ذكرهم ، بل ذلك لكل مؤمن في كل وقت (٢) ، والولي هاهنا يحتمل على وجهين : أحدهما : أن يكون بمعنى الفاعل (٣) ، ولما ذكر حال إبراهيم ومشاحّة (٤) الناس في الانتساب إليه نبّه بقوله : (وَاللهُ وَلِيُّ الْمُؤْمِنِينَ) أنّ إبراهيم استحق منزلته (٥) والثاني : أن يكون بمعنى الموالى ، أي المؤمنون هم الذين يوالون الله ، فأما الكفار فيوالون الشيطان (٦) ، كما قال تعالى : (وَالَّذِينَ كَفَرُوا
__________________
(١) سورة آل عمران ، الآية : ٨٤.
(٢) ذكر هذا المعنى الألوسي في روح المعاني (٣ / ١٩٧).
(٣) أي الموالي باللام المكسورة.
(٤) المشاحّة : الضّنّة والتنافس والحرص على الغلبة. القاموس ص (٢٨٩). والمعجم الوسيط ص (٤٧٤).
(٥) وهي ولاية الله له ، يوضح هذا المعنى ما قاله الطاهر بن عاشور : «وقوله : (وَاللهُ وَلِيُّ الْمُؤْمِنِينَ) تذييل أي هؤلاء هم أولى الناس بإبراهيم ، والله وليّ إبراهيم والذين اتبعوه وهذا النبي والذين آمنوا ، لأن التذييل يشمل المذيّل قطعا ، ثم يشمل غيره تكميلا ...» التحرير والتنوير (٣ / ٢٧٨).
(٦) لم أجد أحدا من المفسرين وافق الراغب على هذا التقسيم الذي ذكره في قوله تعالى : (وَاللهُ وَلِيُّ الْمُؤْمِنِينَ) ، وإنما اقتصروا على الوجه الأول مما ذكر.