من اتبع نبينا عليه الصلاة والسّلام منهم (١) ، فإن من لم يتبعه بعد بعثته فهو في الحقيقة غير تابع لعيسى (٢) ، وقيل : معنى قوله :
__________________
(١) ذكر هذا القول ابن جرير الطبري في جامع البيان (٦ / ٤٦٢ ، ٤٦٣) بأسانيده عن قتادة والربيع وابن جريج والسدي والحسن ، وذكره عنهم أيضا ابن أبي حاتم في تفسير القرآن العظيم (٢ / ٦٦٢ ، ٦٦٣) ، وانظر : إعراب القرآن للنحاس (١ / ٣٨١) ، والنكت والعيون (١ / ٣٩٨) ، وتفسير القرآن للسمعاني (١ / ٣٢٥) ، وزاد المسير (١ / ٣٩٧).
(٢) قال ابن كثير رحمهالله في قوله تعالى : (وَجاعِلُ الَّذِينَ اتَّبَعُوكَ فَوْقَ الَّذِينَ كَفَرُوا) : وهذا وقع ، فإن المسيح عليهالسلام لما رفعه الله إلى السماء تفرقت أصحابه شيعا بعده ، فمنهم من آمن بما بعثه الله به على أنه عبد الله ورسوله وابن أمته ، ومنهم من غلا فيه فجعله ابن الله ، وآخرون قالوا : هو الله ، وآخرون قالوا : هو ثالث ثلاثة ... فلمّا بعث الله محمدا صلىاللهعليهوسلم ، فكان من آمن به يؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله على الوجه الحق ، فكانوا هم أتباع كل نبي على وجه الأرض ، إذ قد صدّقوا الرسول النبيّ الأمي العربي خاتم الرسل ، وسيد ولد آدم على الإطلاق ، الذي دعاهم إلى التصديق بجميع الحق ، فكانوا أولى بكل نبي من أمته الذين يزعمون أنهم على ملّته وطريقته مما قد حرّفوا وبدّلوا ، ثم لو لم يكن شيئا من ذلك لكان قد نسخ الله شريعة جميع الرسل بما بعث الله به محمدا صلىاللهعليهوسلم من الدين الحق الذي لا يبدل ولا يغير إلى قيام الساعة ، ولا يزال قائما منصورا ظاهرا على كل دين ، فلهذا فتح الله لأصحابه مشارق الأرض ومغاربها ، واجتازوا جميع الممالك ، ودانت لهم جميع الدول ، وكسروا كسرى وقصروا قيصر ، وسلبوهما كنوزهما ، وأنفقت في سبيل الله ، كما أخبرهم