يتناول منها على الوجه الذي يجب قدر ما يجب في الوقت الذي يجب ، ويجعل ذلك ذريعة إلى التوصل به إلى الآخرة ، وقيّض له شيطانا يغرّه فحذّره منه ، فمن راعى أمره وتناول ما أبيح له فإنه قد لا يتعدى إلى ما زينه الشيطان (١) ، وقد تقدّم الكلام في بعض ذلك في قوله : (زُيِّنَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا الْحَياةُ الدُّنْيا)(٢).
قوله عزوجل : (قُلْ أَأُنَبِّئُكُمْ بِخَيْرٍ مِنْ ذلِكُمْ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها وَأَزْواجٌ مُطَهَّرَةٌ وَرِضْوانٌ مِنَ اللهِ وَاللهُ بَصِيرٌ بِالْعِبادِ)(٣) منتهى المنبأ قيل هو قوله : (مِنْ ذلِكُمْ) وقيل (٤) هو (عِنْدَ رَبِّهِمْ) ، وقيل : هو آخر الآية ، وهذه الأقوال على قراءة من رفع (جنّات) ، فأما من جرّها (٥) فلا شك أن ذلك داخل في جملة الاستفهام ، لأنه
__________________
(١) قال أبو الليث السمرقندي في تفسيره «بحر العلوم» (١ / ٢٥٠): «فأما التزيين من الله تعالى فهو على وجهين ؛ يكون على جهة الامتحان للمؤمنين مع العصمة ، وقد يكون للكفار على جهة العقوبة مع الخذلان. وأما التزيين من الشيطان فهو على جهة الوسوسة».
(٢) سورة البقرة ، الآية : ٢١٢ ، وانظر : تفسير الراغب لسورة البقرة ق (١٤١) مخطوط.
(٣) سورة آل عمران ، الآية : ١٥.
(٤) في الأصل : «وقوله» وما أثبته هو الذي يقتضيه السياق.
(٥) وهي قراءة يعقوب ، كما ذكر ابن خالويه في مختصر القراءات ص (١٩) ،