العلم ، ويقومون به ، ويربّون المتعلمين بصغار العلوم قبل كبارها. وكل من قام بإصلاح شيء وإتمامه فقد ربّه يربّه ، واحدها : (ربّان) كما قالوا : ريّان وعطشان وشبعان وعريان ، ثم ضمت إليه ياء النسبة ، كما قالوا : لحياني ورقباني» (١). فهذه الإشارات اللغوية السابقة وإن كانت قليلة في تفسير البغوي مقارنة بتفسير الراغب ، إلا أنها تدل على أهمية هذا الجانب اللغوي في تفسير كلام الباري تعالى ، ووجوب معرفة المفسّر لقواعد وأحكام اللغة ، التي نزل بها القرآن ، وأهمية معرفة آراء اللغويين وأقوالهم في التفسير والإعراب.
ثالثا : مسائل الاعتقاد بين البغوي والراغب :
أما مسائل الاعتقاد فهي مختلفة التناول كذلك بين البغوي والراغب ، فالبغوي من مدرسة أهل الحديث ، الذين هم أئمة مذهب أهل السّنّة والجماعة ، والراغب من أهل الرأي ، الذين يميلون إلى المذهب الأشعري ، وبخاصة في مسائل الأسماء والصفات. ولذلك أوّل الراغب بعض صفات الله تعالى ، وأخرجها عن مدلولاتها الحقيقية ، أما البغوي فقد أثبت هذه الصفات لله تعالى على الوجه الذي يليق بجلاله سبحانه ، فعند قوله تعالى : (بَلْ يَداهُ مَبْسُوطَتانِ)(٢) قال : ويد الله صفة من صفاته كالسمع والبصر
__________________
(١) معالم التنزيل (٢ / ٦٠ ، ٦١).
(٢) سورة المائدة ، الآية : ٦٤.