وقال بعضهم : المراد بهذه الآية : اليهود.
وقال الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ : إن يهود أهل المدينة قالوا لما هزم رسول الله صلىاللهعليهوسلم المشركين يوم بدر : هذا ـ والله ـ النبيّ الذي بشرنا به موسى ، لا تردّ له راية ، وأرادوا اتباعه ، ثم قال بعضهم لبعض : لا تعجلوا حتى تنظروا إلى وقعة له أخرى ، فلما كان يوم أحد ، ونكب أصحاب رسول الله صلىاللهعليهوسلم شكّوا ، فغلب عليهم الشقاء ، فلم يسلموا ، وقد كان بينهم وبين رسول الله صلىاللهعليهوسلم عهد إلى مدة ، فنقضوا ذلك العهد ، وانطلق كعب بن الأشرف في ستين راكبا إلى مكة ليستفزهم ، فأجمعوا أمرهم على قتال رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، فأنزل الله تعالى فيهم هذه الآية» (١).
فهذا السبب من رواية الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس ، والكلبي متّهم ، تركه ابن معين وابن مهدي ، وقال ابن حبان : «وضوح الكذب فيه أظهر من أن يحتاج إلى الإغراق في وصفه ، روى عن أبي صالح التفسير ، وأبو صالح لم يسمع من ابن عباس ، لا يحلّ الاحتجاج به» (٢).
ويبدو أن البغوي أورد أقوال الكلبي التي يشهد لها غيرها ، ولم يجعله عمدة في التفسير ، وقد قال ابن عدي : «له غير ما ذكرت أحاديث صالحة ، وخاصة عن أبي صالح ، وهو معروف بالتفسير ،
__________________
(١) معالم التنزيل (٢ / ١٢ ، ١٣).
(٢) تهذيب التهذيب (٣ / ٥٧٠).