التضعيف في جميع الكفار إنما كان تخمينا وظنّا لا يقينا» (١).
والحق أن الراغب وإن كانت له جهود في توجيه القراءات والاستفادة منها في مجال التفسير وجلاء المعنى ، إلا أن ابن عطية قد تفوّق عليه في ذلك ، حيث إنه كان دقيقا إلى أبعد حدّ في جمعه للقراءات ، وتوجيهها توجيها سديدا بما يخدم النص القرآني ، ويجلي معانيه ، ويدفع التعارض عن آياته.
والذي يؤخذ على ابن عطية في هذا الباب هو جسارته على ردّ بعض القراءات الصحيحة المتواترة الثابتة بالإجماع ، وهو بذلك يخالف منهجه الذي بينه في مقدمة كتابه ، ففي تفسير سورة النساء ردّ ابن عطية قراءة حمزة (وَاتَّقُوا اللهَ الَّذِي تَسائَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحامَ)(٢) بالخفض فقال : «وقرأ حمزة وجماعة من العلماء (والأرحام) بالخفض عطفا على الضمير. والمعنى عندهم : أنها يتساءل بها كما يقول الرجل : أسألك بالله وبالرحم. هكذا فسّرها الحسن وإبراهيم النخعي ومجاهد. وهذه القراءة عند رؤساء نحويي البصرة لا تجوز ، لأنه لا يجوز عندهم أن يعطف ظاهر على مضمر مخفوض». ثم قال : «ويردّ عندي هذه القراءة من المعنى وجهان :
أحدهما : أن ذكر الأرحام فيما يتساءل به لا معنى له في الحضّ على تقوى الله ، ولا فائدة فيه أكثر من الإخبار بأن الأرحام يتساءل بها.
__________________
(١) تفسير ابن عطية (٣ / ٢٩).
(٢) سورة النساء ، الآية : ١.