٥ ـ ويظهر تعسف الزمخشري في تأويل النصوص حتى تتفق مع مذهبه عند تفسيره لقوله تعالى : (إِنَّ اللهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ ما دُونَ ذلِكَ لِمَنْ يَشاءُ)(١).
فيقول : فإن قلت : قد ثبت أن الله ـ عزوجل ـ يغفر الشرك لمن تاب منه ، وأنه لا يغفر ما دون الشرك من الكبائر إلا بالتوبة. فما وجه قول الله تعالى : (إِنَّ اللهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ ما دُونَ ذلِكَ لِمَنْ يَشاءُ) قلت : الوجه أن يكون الفعل المنفي والمثبت جميعا موجهين إلى قوله تعالى : (لِمَنْ يَشاءُ) كأنه قيل : إن الله لا يغفر لمن يشاء الشرك ، ويغفر لمن يشاء ما دون الشرك ، على أن المراد بالأول من لم يتب وبالثاني من تاب (٢)!!
وقد تعجب ابن المنيّر من هذا التأويل ، وردّ عليه قائلا : «عقيدة أهل السّنّة أن الشرك غير مغفور ألبتة ، وما دونه من الكبائر مغفور لمن يشاء الله أن يغفر له ، هذا مع عدم التوبة ، وأما مع التوبة فكلاهما مغفور ، والآية إنما وردت فيمن لم يتب ، ولم يذكر فيها توبة كما ترى ، فلذلك أطلق الله تعالى نفي مغفرة الشرك ، وأثبت مغفرة ما دونه مقرونة بالمشيئة كما ترى» ثم أخذ ابن المنيّر يرد على الزمخشري قوله مبيّنا ضعفه وتهافته (٣).
__________________
(١) سورة النساء ، الآية : ٤٨.
(٢) انظر الكشاف (١ / ٥١٩ ، ٥٢٠).
(٣) انظر حاشية الموضع السابق.