فشهدوا أن لا إله إلا هو ، ولا خالق لهم ولأفعالهم إلا هو ... هذا إيمان القوم وتوحيدهم ، لا كقوم يغيرون في وجه النصوص ، فيجحدون الرؤية التي يظهر أن جحدهم لها سبب في حرمانهم إياها ، ويجعلون أنفسهم الخسيسة شريكة لله في مخلوقاته ، فيزعمون أنهم يخلقون لأنفسهم ما شاؤوا من الأفعال على خلاف مشيئة ربهم ، محادّة ومعاندة لله في ملكه ، ثم بعد ذلك يتسترون بتسمية أنفسهم أهل العدل والتوحيد» (١).
٣ ـ ومن تعريض الزمخشري بأهل السنة قوله عند قوله تعالى : (ذلِكَ بِأَنَّهُمْ قالُوا لَنْ تَمَسَّنَا النَّارُ إِلَّا أَيَّاماً مَعْدُوداتٍ وَغَرَّهُمْ فِي دِينِهِمْ ما كانُوا يَفْتَرُونَ)(٢). قال : «ذلك التولي والإعراض بسبب تسهيلهم على أنفسهم أمر العقاب ، وطمعهم في الخروج من النار بعد أيام قلائل ، كما طمعت المجبرة والحشوية» (٣). وهذا الكلام يشير إلى أصل المعتزلة الثالث المسمى : «الوعد والوعيد» وهذا الأصل يتضمن خلود أهل الكبائر في النار. أما أهل السنة فإنهم قالوا : «يجوز أن يعفو الله عن المذنب ، وأن يخرج أهل الكبائر من النار ، فلا يخلّد فيها من أهل التوحيد أحدا» (٤).
وقال الإمام الطحاوي : «وأهل الكبائر من أمة محمد في النار ،
__________________
(١) حاشية ابن المنير على الكشاف (١ / ٣٤٥ ـ ٣٤٦).
(٢) سورة آل عمران ، الآية : ٢٤.
(٣) الكشاف (١ / ٢٤٩).
(٤) منهاج السنة لابن تيمية (١ / ٣٢٨).