ومن الأمثلة على استشهاد الزمخشري بالحديث : ذكره لحديث النبي صلىاللهعليهوسلم لما سئل عن أول مسجد وضع للناس؟ فقال : «المسجد الحرام ، ثم بيت المقدس» وسئل كم بينهما؟ قال : «أربعون سنة» (١) ، ذكره عند تفسير قوله تعالى : (وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً)(٢). وذكر كذلك عند تفسير هذه الآية والتي تليها قوله صلىاللهعليهوسلم : «حبّب إليّ من دنياكم ثلاث : الطيب والنساء ، وقرة عيني في الصلاة» (٣).
وعند قوله تعالى : (وَما كانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَغُلَ)(٤) ذكر الزمخشري عدة أحاديث منها قوله صلىاللهعليهوسلم : «هدايا الولاة غلول» (٥).
ويتشابه كلّ من الراغب الأصفهاني والزمخشري في كونهما لا يذكران مصادر ما يوردانه من أحاديث ، ولا رواتها ، ولا درجاتها من حيث الصحة والضعف ، كذلك فإن الزمخشري ـ كالراغب ـ أورد كثيرا من الأحاديث الضعيفة والموضوعة مع نسبتها إلى النبي صلىاللهعليهوسلم ، ومن ذلك عند قوله تعالى : (وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ
__________________
(١) أخرجه البخاري ، كتاب الأنبياء رقم (٣٣٦٦) ومسلم ، كتاب المساجد رقم (٥٢٠).
(٢) سورة آل عمران ، الآية : ٩٧. وانظر الكشاف (١ / ٣٨٦).
(٣) صحّ هذا الحديث بدون قوله : «ثلاث» فقد أخرجه النسائي (٧ / ٦١) كتاب عشرة النساء ، باب حبّ النساء. وأحمد في المسند (٣ / ١٢٨ ، ١٩٩ ، ٢٨٥) ، والحاكم في المستدرك (٢ / ١٦٠) ، والبيهقي في سننه (٧ / ٧٨). قال ابن القيم في زاد المعاد (١ / ١٥٠ ، ١٥٢) : صحّ عنه صلىاللهعليهوسلم من حديث أنس رضي الله عنه أنه قال : «حبب إليّ من دنياكم : النساء والطيب ، وجعلت قرة عيني في الصلاة». هذا لفظ الحديث. من رواه «حبب إليّ من دنياكم ثلاث». فقد وهم ، ولم يقل صلىاللهعليهوسلم : «ثلاث».
(٤) سورة آل عمران ، الآية : ١٦١.
(٥) أخرجه بلفظ : «هدايا الأمراء غلول» الطبراني في الأوسط رقم (٢١٤٨ ، ٢١٤٩) مجمع البحرين. والبيهقي في سننه (١٠ / ١٣٨) وعزاه الحافظ ابن حجر لهما ولابن عدي وسنيد بن داود في تفسيره وضعفه. انظر تلخيص الحبير (٤ / ٣٠٨).