المسألة ، وأدلة كل فريق منهم ، وهذا الاستيعاب والمعرفة من الأمور اللازمة لكل ناقد في أي فرع من فروع المعرفة ، وإلا فكيف يحكم على الأقوال ، ويناقشها ، ويفاضل بينها من يجهلها ، أو يجهل بعضها ، أو يجهل أدلتها وقواعدها.
٤ ـ ومن ذلك أيضا ما ذكره الراغب من تضعيف الزّجّاج لقول أبي عبيدة ، وذلك عند قوله تعالى : (وَلِأُحِلَّ لَكُمْ بَعْضَ الَّذِي حُرِّمَ عَلَيْكُمْ)(١). قال الراغب : «وقال أبو عبيدة : عنى ببعض الذي حرّم الكلّ ، واحتجّ بقوله :
أو يرتبط بعض النفوس حمامها.
وقال الزجاج : هذا فاسد ، لأن البعض لا يكون بمعنى الكل ، وعنى لبيد ببعض النفوس نفسه خاصة فعرّض ، لأن عيسى حلّل بعض المحرمات ، وهو الذي كانوا حرّموا على أنفسهم» (٢).
٥ ـ والراغب كثيرا ما يعلّل أقوال اللغويين ، ويستدلّ لها ، ومن ذلك :
قال الراغب : «وقول أبي عبيدة : الحواريون صفوة الأنبياء. فنظر منه إلى حواري عيسى عليهالسلام ، وإلى قول النبي صلىاللهعليهوسلم» (٣).
وقال الراغب : «وقوله : (حَصِرَتْ صُدُورُهُمْ)(٤) في موضع الحال عند الفرّاء. قال : وتقديره : قد حصرت صدورهم. وتقوّى
__________________
(١) سورة آل عمران ، الآية : ٥٠.
(٢) الرسالة ص (٥٧٨ ، ٥٧٩).
(٣) الرسالة ص (٥٨٤ ، ٥٨٥).
(٤) سورة النساء ، الآية : ٩٠.