المحور الثالث : أقوال الصحابة والتابعين في تفسير الراغب
لقد ذكر العلماء أن تفسير الصحابة والتابعين هو من التفسير بالمأثور ، الذي يرجع إليه بعد الرجوع إلى القرآن والسنة ، إلا أنهم اختلفوا في حجّية أقوالهم في التفسير على ما سأبينه إن شاء الله تعالى. قال ابن كثير في تفسيره : «والغرض أنك تطلب تفسير القرآن منه ، فإن لم تجده فمن السنة ، كما قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم لمعاذ حين بعثه إلى اليمن : «بم تحكم؟» قال : بكتاب الله. قال : «فإن لم تجد؟» قال : بسنة رسول الله. قال : «فإن لم تجد؟» قال : أجتهد رأيي. فضرب رسول الله صلىاللهعليهوسلم في صدره وقال : «الحمد لله الذي وفّق رسول رسول الله لما يرضي رسول الله» (١) وهذا الحديث في المسند والسنن بإسناد جيد ، كما هو مقرر في موضعه ، وحينئذ إذا لم نجد التفسير في القرآن ولا في السنة رجعنا في ذلك إلى أقوال الصحابة ، فإنهم أدرى بذلك لما شاهدوا من القرائن والأحوال التي اختّصوا بها ، ولما لهم من الفهم التام والعلم الصحيح ، والعمل الصالح ، لا سيما علماءهم وكبراءهم ، كالأئمة الأربعة الخلفاء الراشدين ، والأئمة المهتدين المهديين ، وعبد الله بن مسعود رضي الله عنهم .. قال عبد الله بن مسعود : والذي لا إله غيره ما نزلت آية من كتاب الله إلا وأنا أعلم فيمن نزلت وأين نزلت ، ولو أعلم أحدا أعلم بكتاب الله مني تناله المطايا
__________________
(١) أخرجه أبو داود رقم (٣٥٩٢) كتاب الأقضية. والترمذي رقم (١٣٢٧ ، ١٣٢٨) وقال : هذا حديث لا نعرفه إلا من هذا الوجه ، وليس إسناده عندي بمتصل. والنسائي وأحمد في المسند (٥ / ٢٣٠ ، ٢٤٢) والبيهقي في سننه (١٠ / ١١٤) وهو في سلسلة الأحاديث الضعيفة للألباني رقم (٨٨١).