والثامن : معرفة الأدلة العقلية والبراهين الحقيقية والتقسيم والتحديد ، والفرق بين المعقولات والمظنونات وغير ذلك ، وهو علم الكلام.
والتاسع : علم الموهبة ، وذلك علم يورثه الله من عمل بما علم.
ثم قال الراغب : فجملة العلوم التي هي كالآلة للمفسر ، ولا تتم صناعة إلا بها هي هذه العشرة : علم اللغة والاشتقاق والنحو والقراءات والسير ، والحديث وأصول الفقه ، وعلم الأحكام ، وعلم الكلام ، وعلم الموهبة. فمن تكاملت فيه هذه العشرة واستعملها خرج عن كونه مفسرا للقرآن برأيه ، ومن نقص عن بعض ذلك مما ليس بواجب معرفته في تفسير القرآن ، وأحس من نفسه في ذلك بنقصه واستعان بأربابه واقتبس منهم ، واستضاء بأقوالهم لم يكن ـ إن شاء الله ـ من المفسرين برأيهم (١). فإن القائل بالرأي هاهنا من لم تجتمع عنده الآلات التي يستعان بها في ذلك ، ففسّره وقال فيه تخمينا وظنّا (٢) اه.
إذا نظرنا إلى تفسير الراغب في ضوء ما سبق أمكن القول بأنه من أقسام التفسير بالرأي الجائز ، لأنه وإن احتوى على خصال التفسير بالمأثور من تفسير القرآن بالقرآن وبالسنة وبأقوال الصحابة والتابعين ، إلا أنه لم يكتف بذلك في تفسيره ، ولم يلتزم به في كل آية قام بتفسيرها ، ولم يورد أقوال جميع الصحابة في التفسير ، بل ذكر أقوال أعيانهم
__________________
(١) أي برأيهم المذموم.
(٢) مقدمة جامع التفاسير ، للراغب ص (٩٣ ـ ٩٦).