منه من التبكيت والتوبيخ؟ فقال له الحسن : إنما يعاتب من ترجى مودته ونصيحته. فقال : إنه بقيت أمور سيستوسق فيها القنا (١) ، وينتضي فيها السيوف ويحتاج فيها إلى أشباهي ، فلا تستغشوا عتبي (٢) ، ولا نتهموا نصيحتي. فقال له الحسن : رحمك الله : ما أنت عندنا بالظنين.
نصر ، عن عمر ـ يعني ابن سعد ـ عن نمير بن وعلة (٣) عن الشعبي (٤) ، أن سعيد بن قيس دخل على علي بن أبي طالب فسلم عليه ، فقال له علي : « وعليك ، وإن كنت من المتربصين ». فقال : حاش لله يا أمير المؤمنين لست من أولئك. قال : فعل الله ذلك ».
نصر ، عن عمر بن سعد ، عن يحيى بن سعيد ، عن محمد بن مخنف قال : دخلت مع أبي على علي عليهالسلام حين قدم من البصرة ، وهو عام بلغت الحلم ، فإذا بين يديه رجال يؤنبهم ويقول لهم : ما بطأ بكم عني وأنتم أشراف قومكم؟ والله لئن كان من ضعف النية وتقصير البصيرة؟ إنكم لبور (٥). والله لئن كان من شك في فضلي ومظاهرة على إنكم لعدو ». قالوا : حاش لله يا أمير المؤمنين ، نحن سلمك وحرب عدوك. ثم اعتذر القوم ، فمنهم من
__________________
(١) القنا : الرماح. والاستيساق : الاجتماع ، وفعله لازم. وفي حديث أحد : « استوسقوا كما يستوسق جرب الغنم » ، أي استجمعوا وانضموا. وبدلها في ح : « سيسرع فيها القتال ».
(٢) استغشه واغتشه : ظن به الغش ، وهو خلافه استنصحه. وفي الأصل : « لا تستبشعوا غيبتي » صوابها في ح.
(٣) ذكره في لسان الميزان مصحفا برسم نمير بن دعلمة.
(٤) هو عامر بن شراحيل الحميري أبو عمرو الكوفي ، ثقة مشهور. روى عن أبي هريرة ، وعائشة ، وابن عباس وغيرهم. أو عنه ابن سيرين ، والأعمش ، وشعبة ، وجابر الجعفي. لسان الميزان ( ٦ : ٨٤٠ ).
(٥) البور بالضم : الهالك ، يقال رجل بور ، ورجلان بور ، وقوم بور ، وكذلك الأنثى .... اللسان.