علي الكوفة نزل على باب المسجد فدخل وصلي ، ثم تحول فجلس إليه الناس ، فسأل عن رجل من أصحابه كان ينزل الكوفة ، فقال قائل : استأثر الله به. فقال : « إن الله لا يستأثر بأحد من خلقه » ، وقرأ : ( وكنتم أمواتا فأحياكم ثم يميتكم ثم يحييكم ). قال : فلما لحق الثقل قالوا : أي القصرين تنزل؟ فقال : « قصر الخبال لا تنزلونيه (١) ».
نصر ، عن سيف قال : حدثني إسماعيل بن أبي عميرة ، عن عبد الرحمن ابن عبيد بن أبي الكنود ، أن سليمان بن صرد الخزاعي (٢) دخل على علي ابن أبي طالب بعد رجعته من البصرة ، فعاتبه وعذله وقال له : « ارتبت وتربصت وراوغت ، وقد كنت من أوثق الناس في نفسي وأسرعهم ـ فيما أظن ـ إلى نصرتي ، فما قعد بك عن أهل بيت نبيك ، وما زهدك في نصرهم؟ ». فقال يا أمير المؤمنين ، لا تردن الأمور على أعقابها ، ولا تؤنبني بما مضى منها واستبق مودتي يخلص (٣) لك نصيحتي. وقد بقيت أمور تعرف فيها وليك من عدوك. فسكت عنه وجلس سليمان قليلا ، ثم نهض فخرج إلى الحسن بن علي وهو قاعد في المسجد ، فقال : ألا أعجبك من أمير المؤمنين وما لقيت
__________________
(١) ح : « قالوا انزل القصر. فقال : قصر الجبال لا تنزلوا فيه ». ولم أجد ذكرا لهذا القصر برسميه اللذين وردا في الأصل وح. لكن وجدت السيد فرج الله الحسيني قد كتب « أراد منه عليهالسلام قصر دار الامارة ؛ فكأنه سماها به لما وقع فيها قبله من أمراء الجور وعمال أهل النفاق والشقاق ، من الهلكة والنقصان ».
(٢) هو سليمان بن صرد ، المهملة وفتح الراء ، بن الجون الخزاعي ، أبو مطرف الكوفي. صحابي جليل. قال ابن حجر : وكان خيرا فاضلا شهد صفين مع علي وقتل حوبشا مبارزة ، ثم كان ممن كاتب الحسين ثم تخلف عنه ، ثم قدم هو والمسيب بن نجبة في آخرين فخرجوا في الطلب بدمه وهم أربعة آلاف ، فالتقاهم عبيد الله بن زياد بعين الوردة بعسكر مروان ، فقتل سليمان ومن معه ، وذلك في سنة خمس وستين. انظر الإصابة وتهذيب التهذيب.
(٣) ح : « تخلص ».