ما لعلي في الدماء قـد حكـم |
|
لو قاتل الأحزاب يوما ما ظلم |
لا حكم إلا لله ولو كره المشركون. ثم مر على رايات بني راسب فقرأها عليهم فقالوا : لا حكم إلا لله ، لا نرضى ولا نحكم الرجال في دين الله. ثم مر على رايات بني تميم (١) فقرأها عليهم فقال رجل منهم : لا حكم إلا لله ، يقضي بالحق وهو خير الفاصلين. فقال رجل منهم لآخر : أما هذا فقد طعن طعنة نافذة. وخرج عروة بن أدية أخو مرداس بن أدية التميمي فقال : أتحكمون الرجال في أمر الله ، لا حكم إلا لله ، فأين قتلانا يا أشعث. ثم شد بسيفه ليضرب به الأشعث ، فأخطأه وضرب به عجز دابته ضربة خفيفة ، فاندفع به الدابة وصاح به الناس أن أمسك يدك. فكف ورجع الأشعث إلى قومه ، فأتاه ناس كثير من أهل اليمن ، فمشى إليه الأحنف بن قيس ، ومعقل بن قيس ، ومسعر بن فدكي ، ورجال من بني تميم ، فتنصلوا إليه واعتذروا ، فقبل منهم الأشعث فتركهم وانطلق إلى علي فقال : يا أمير المؤمنين ، قد عرضت الحكومة على صفوف أهل الشام وأهل العراق ، فقالوا جميعا : قد رضينا. حتى مررت برايات بني راسب ونبذ من الناس سواهم (٢) ، فقالوا : لا نرضى ، لا حكم إلا لله. فلنحمل بأهل العراق وأهل الشام عليهم فنقتلهم. فقال علي : هل هي غير راية أو رايتين ونبذ من الناس؟ قال : بلى (٣). قال : دعهم. قال : فظن علي عليهالسلام أنهم قليلون لا يعبأ بهم. فما راعه إلا نداء الناس من كل جهة وفي كل ناحية : لا حكم إلا لله ، الحكم لله يا علي لا لك ، لا نرضى بأن يحكم الرجال في دين الله. إن الله قد أمضى حكمه في معاوية وأصحابه ، أن يقتلوا
__________________
(١) ح ( ١ : ١٩٢ ) : « رايات تميم ».
(٢) النبذ ، بالفتح : الشئ القليل ، وجمعه أنباذ.
(٣) في الأصل وح ( ١ : ١٩٣ ) : « لا ».