فإن تكن المنايا أخطأته |
|
فقد غنى بها أهل الحجـاز |
فغضب عمرو وقال : ما أشد تغبيطك عليا في أمري هذا (١) ، هل هو إلا رجل لقيه ابن عمه فصرعه ، أفترى السماء قاطرة لذلك دما؟! قال : ولكنها معقبة لك خزيا (٢).
قال : وتقدم جندب بن زهير برايته وراية قومه وهو يقول : والله لا أنتهى حتى أخضبها! فخضبها مرارا إذ اعترضه رجل من أهل الشام فطعنه ، فمشى إلى صاحبه في الرمح حتى ضربه بالسيف فقتله.
ثم إن معاوية دعا أخاه عتبة بن أبي سفيان فقال : الق الأشعث بن قيس ، فإنه إن رضي رضيت العامة. وكان عتبة لا يطاق لسانه (٣). فخرج عتبة فنادى الأشعث بن قيس ، فقال الناس : يا أبا محمد ، هذا الرجل يدعوك. فقال الأشعث : كما يكون الرجل فسلوه من هو. فقال : أنا عتبة بن أبي سفيان. فقال الأشعث بن قيس : غلام مترف ولا بد من لقائه. [ فخرج إليه ] فقال : ما عندك يا عتبة؟ فقال : أيها الرجل ، إن معاوية لو كان لاقيا رجلا غير علي للقيك ، إنك رأس أهل العراق ، وسيد أهل اليمن ، وقد سلف من عثمان إليك ما سلف من الصهر والعمل ، ولست كأصحابك. أما الأشتر فقتل عثمان ، وأما عدي فحرض عليه ، وأما سعيد فقلد عليا ديته (٤) ، وأما شريح وزحر ابن قيس فلا يعرفان غير الهوى ، وإنك حاميت عن أهل العراق تكرما ، ثم حاربت أهل الشام حمية ، وقد بلغنا والله منك وبلغت منا ما أردت ،
__________________
(١) التغبيط ، هو كما ورد في الحديث « أنه جاء وهم يصلون في جماعة فجعل يغبطهم ». قال ابن الأثير : « هكذا روى بالتشديد ، أي يحملهم على الغبط ويجعل هذا الفعل عندهم مما يغبط عليه ». وفي الأصل : « تعظيمك عليا في كسرى هذا » وأثبت ما في ح.
(٢) في الأصل : « تعقبك جبنا » وأثبت ما في ح.
(٣) ح : « وكان عتبة فصيحا ».
(٤) في الأصل : « دينه » والوجه ما أثبت من ح.