يمكثوا إلا كلا شئ حتى مروا بيزيد بن قيس محمولا إلى العسكر ، فقال الأشتر : من هذا؟ قالوا : « يزيد بن قيس ، لما صرع زياد بن النضر رفع لأهل الميمنة رايته فقاتل حتى صرع ». فقال الأشتر : « هذا والله الصبر الجميل ، والفعل الكريم. ألا يستحيي الرجل أن ينصرف لم يقتل ولم يقتل ولم يشف به على القتل؟ ».
نصر ، عن عمر ، عن الحر بن الصياح (١) [ النخعي (٢) ] أن الأشتر كان يومئذ يقاتل على فرس له ، في يده صفيحة [ له ] يمانية إذا طأطأها خلت فيها ماء منصبا ؛ فإذا رفعها كاد يغشي البصر (٣) شعاعها ، ويضرب بسيفه قدما وهو يقول :
* الغمرات ثم ينجلينا (٤) *
قال : فبصر به الحارث بن جمهان الجعفي ، والأشتر مقنع في الحديد ، فلم
__________________
(١) الحر ، بضم الحاء المهملة وتشديد الراء ، بن الصياح ، كشداد ، النخعي الكوفي ، ثقة من الثالثة ، وروى عن ابن عمر وأنس وعبد الرحمن بن الأخنس ، وعنه شعبة والثوري وأبو خيثمة وعمرو بن قيس الملائي. انظر تهذيب التهذيب والمشتبه ٣١٠. وفي الأصل : « الحر بن الصباح » وأثبت ما في التهذيب والمشتبه مطابقا ما في الطبري. وفي ح : « الحارث ابن الصباح » وهو رجل شيعي آخر ذكره ابن حجر في لسان الميزان ( ٦ : ١٥٣ ) وقال إنه تابعي روى عن علي.
(٢) هذه التكملة من الطبري ، وهي تعين أنه « الحر بن الصياح النخعي ».
(٣) يغشى البصر : يذهب به. وفي كتاب الله : ( فأغشيناهم فهم لا يبصرون ). وقد وردت هكذا بالغين المعجمة في الأصل وح والطبري. وهم يقولون كثيرا في نحو هذا المقام : « يعشى » بالعين المهملة ، والعشا : ضعف الإبصار.
(٤) هو للأغلب العجلي ، كما في أمثال الميداني. في الأصل : « غمرات » وفي أمثال الميداني : « غمرات ثم ينجلين » ويروى : « الغمرات ثم ينجلين ». وهذا الأخير هو الوجه في الإنشاد ، ففي جمهرة العسكري ١٥٠ عند الكلام على المثل : هو من قول الراجز :
الغمرات ثم ينجلين |
|
عنا وينزلن بآخرين |
شدائد يتبعهن لين
وانظر مقاييس اللغة ( غمر ).