نصر ، قال : قال عمر بن سعد ، عن عبد الرحيم بن عبد الرحمن (١) ، عن أبيه (٢) أن عليا أمير المؤمنين حرض الناس فقال : إن الله عز وجل قد دلكم على تجارة تنجيكم من العذاب ، وتشفي بكم على الخير (٣) إيمان بالله ورسوله ، وجهاد في سبيله ؛ وجعل ثوابه مغفرة الذنوب ، ومساكن طيبة في جنات عدن ، ورضوان من الله أكبر (٤) ، فأخبركم بالذي يحب فقال : ( إن الله يحب الذين يقاتلون في سبيله صفا كأنهم بنيان مرصوص ). فسووا صفوفكم كالبنيان المرصوص ، وقدموا الدارع ، وأخروا الحاسر ، وعضوا على الأضراس ؛ فإنه أنبى للسيوف عن الهام (٥) ، وأربط للجأش ، وأسكن للقلوب. وأميتوا الأصوات ؛ فإنه أطرد للفشل ، وأولى بالوقار. والتووا في أطراف الرماح ؛ فإنه أمور للأسنة (٦). وراياتكم فلا تميلوها ولا تزيلوها ، ولا تجعلوها إلا في أيدي شجعانكم المانعي الذمار ، والصبر عند نزول الحقائق ، أهل الحفاظ ، الذين يحفون براياتكم ويكتنفونها ، يضربون خلفها وأمامها ، ولا تضيعوها (٧) أجزأ كل امرئ منكم ـ رحمه الله ـ [ وقذ (٨) ] قرنه ، وواسى أخاه بنفسه ، ولم يكل قرنه إلى أخيه ، فيجتمع عليه قرنه وقرن أخيه ، فيكتسب بذلك لأئمة ، ويأتي به دناءة. وأني هذا ، وكيف يكون هكذا؟! هذا يقاتل اثنين
__________________
(١) هو عبد الرحيم بن عبد الرحمن بن محمد المحاربي أبو زياد الكوفي توفى سنة ١١١. انظر تهذيب التهذيب.
(٢) أبوه هو عبد الرحمن بن محمد بن زياد المحاربي أبو محمد الكوفي ، توفى سنه ٩٥. وفي ح : « عن أبي عمرو عن أبيه ».
(٣) أشفي على الشيء : أشرف. وفي الحديث : « فأشفوا على المرج ».
(٤) كذا في الأصل وح. ورفعه على الاستئناف. وهذه الجملة لم ترد في الطبري.
(٥) أنبي : أبعد. والهام : الرؤوس.
(٦) أمور : تفضيل من المور ، وهو الاضطراب والمجئ والذهاب. في الطبري : « أصون للأسنة ».
(٧) ح : « ولا يضيعوها » تحريف. وفي الطبري : « ولا يضعونها ».
(٨) هذه التكملة من الطبري. وقذه : ضربه شديدا.