من ابن سمية (١) ما قتلته بعثمان ، ولكن كنت أقتله بنائل (٢) مولى عثمان ابن عفان ، فقال له شبث : وإله السماء ما عدلت معدلا ، لا والله الذي لا إله إلا هو لا تصل إلى قتل ابن ياسر حتى تندر الهام عن كواهل الرجال وتضيق الأرض الفضاء عليك برحبها ، فقال له معاوية : إنه لو كان ذلك كانت عليك أضيق (٣). ورجع القوم عن معاوية ، فلما رجعوا من عنده بعث إلى زياد بن خصفة التيمي فدخل عليه ، فحمد الله معاوية وأثنى عليه ثم قال :
أما بعد يا أخا ربيعة فإن عليا قطع أرحامنا ، وقتل إمامنا ، وآوى قتلة صاحبنا ، وإني أسألك النصرة عليه (٤) بأسرتك وعشيرتك ، ولك علي عهد الله وميثاقه إذا ظهرت أن أوليك أي المصرين أحببت.
قال أبو المجاهد (٥) : سمعت زياد بن خصفة يحدث بهذا الحديث. قال : فلما قضى معاوية كلامه حمدت الله وأثنيت عليه ثم قلت له : « أما بعد فإني لعلى بينة من ربي ، وبما أنعم علي فلن أكون ظهيرا للمجرمين ». قال : ثم قمت ، فقال معاوية لعمرو بن العاص ـ وكان إلى جانبه جالسا ـ : ليس يكلم رجل
__________________
(١) سمية ، هي سمية بنت خباط ، بمعجمة مضمومة وموحدة ثقلية ، وهي أم عمار بن ياسر ، وكانت أمة لأبي حذيفة بن المغيرة المخزومي ، ثم زوجها ياسرا فولدت له عمارا. وهي أول شهيدة استشهدت في الإسلام ، وجأها أبو جهل بحربة فماتت. المعارف ١١١ ـ ١١٢ والإصابة ٥٨٢.
(٢) في الطبري : « بناتل ».
(٣) الطبري : « إنه لو قد كان ذلك كانت الأرض عليك أضيق ».
(٤) في الأصل : « عليك » صوابه في ح والطبزي.
(٥) أبو المجاهد ، هو سعد الطائي الكوفي ، وثقة وكيع وابن حبان ، وقال ابن حجر : « لا بأس به. من السادسة ». انظر التقريب وحواشيه.