أتيناك فيما يصلحنا وإياك ، فأقبلت تضرب الأمثال لنا. دع مالا ينفع من القول والفعل ، وأجبنا فيما يعمنا (١) وإياك نفعه.
وتكلم يزيد بن قيس الأرحبي فقال : إنا لم نأتك إلا لنبلغك ما بعثنا به إليك ، ولنؤدي عنك ما سمعنا منك ، لن ندع أن ننصح لك ، وأن نذكر ما ظننا أن لنا به عليك حجة ، أو أنه راجع بك إلى الألفة والجماعة. إن صاحبنا لمن قد عرفت وعرف المسلمون فضله ، ولا أظنه يخفى عليك : أن أهل الدين والفضل لن يعدلوك بعلي عليهالسلام ، ولن يميلوا بينك وبينه (٢). فاتق الله يا معاوية ، ولا تخالف عليا ، فإنا والله ما رأينا رجلا قط أعمل بالتقوى ، ولا أزهد في الدنيا ، ولا أجمع لخصال الخير كلها منه.
فحمد الله معاوية وأثنى عليه وقال : أما بعد فإنكم دعوتم إلى الطاعة والجماعة. فأما الجماعة التي دعوتم إليها فنعما هي. وأما الطاعة لصاحبكم فإنا لا نراها. إن صاحبكم قتل خليفتنا ، وفرق جماعتنا ، وآوى ثأرنا وقتلتنا ، وصاحبكم يزعم أنه لم يقتله ، فنحن لا نرد ذلك عليه ، أرأيتم قتلة صاحبنا؟ ألستم تعلمون أنهم أصحاب صاحبكم؟ فليدفعهم إلينا فلنقتلهم به ونحن نجيبكم إلى الطاعة والجماعة.
فقال له شبث بن ربعي : أيسرك بالله يا معاوية أن أمكنت (٣) من عمار ين ياسر فقتلته؟ قال : وما يمنعني من ذلك؟ والله لو أمكنني صاحبكم
__________________
(١) في الأصل : « يصيبنا » وكتب فوقه : « خ : يعمنا » وهو ما في ح والطبري.
(٢) التمييل بين الشيئين : الترجيح بينهما. تقول العرب : إني لأميل بين ذينك الأمرين وأمايل بينهما أيهما آتي. وفي الأصل : « يمثلوا » تحريف. وفي ح : « ولا يميلون ».
(٣) في الأصل : « أنك إن أمكنت » صوابه في ح. وفي الطبزي : « أنك أمكنت ».