إنما أقارع بكم أهل الشام. فخرجوا معه رجلا يمشون (١) وبيد الأشعث رمح له يلقيه على الأرض ، ويقول : امشوا قيس رمحي [ هذا ]. فيمشون ، فلم يزل يقيس لهم الأرض برمحه ذلك ويمشون معه رجالة قد كسروا جفون سيوفهم حتى لقوا معاوية وسط بني سليم واقفا على الماء ، وقد جاءه أداني عسكره ، فاقتتلوا قتالا شديدا على الماء ساعة ، وانتهى أوائل أهل العراق فنزلوا ، وأقبل الأشتر في خيل من أهل العراق ، فحمل على معاوية حملة ، والأشعث يحارب في ناحية [ أخرى ] ، فانحاز معاوية في بني سليم فردوا وجوه إبله قدر ثلاثة فراسخ. ثم نزل ووضع أهل الشام أثقالهم ، والأشعث يهدر ويقول : أرضيتك يا أمير المؤمنين! ثم تمثل [ بقول طرفة بن العبد ] :
ففداء لبني سعد على |
|
ما أصاب الناس من خير وشر (٢) |
ما أقلت قدماي ، إنهم |
|
نعم الساعون في الحي الشطر (٣) |
ولقد كنت عليكم عاتبا |
|
فعقبتم بذنوب غير مر (٤) |
كنت فيكم كالمغطى رأسه |
|
فانجلى اليوم قناعي وخمر |
سادرا أحسب غيي رشدا |
|
فتناهيت وقد صابت بقر (٥) |
__________________
(١) ح : « رجالة » والرجالة والرجل والراجلون بمعنى.
(٢) رواية « فداء » بالرفع ، أي نفسي فداء أو أنا فداء. وفي ديوان طرفة ٨٢ والخزانة ( ٤ : ١٠١ بولاق ) : « لبني قيس » وفي الديوان والخزانة : « من سر وضر » وهما بضم أولهما السراء والضراء.
(٣) أقلت : حملت أي ما أقلتني قدماي ، أي طول الحياة. ونعم ، بكسرتين ففتح : لغة في نعم. والشطر بضمتين : جمع شطير ، وهو الغريب البعيد ويروى : « خالتي والنفس قدما » على أن تكون « خالتي » مبتدأ خبره « فداء » في البيت السابق.
(٤) عقبتم : أي وجدتم عقب ذلك. والذنوب ، بالفتح : النصيب والحظ. وفي الكتاب : ( فإن للذين ظلموا ذنوبا مثل ذنوب أصحابهم ). والمر : نقيض الحلو.
(٥) تناهيت أي انتهيت من سفهي. ويقال للأمر إذا وقع في مستقره : « صابت بقر » بضم القاف ، أي نزل الأمر في مستقره فلا يستطاع له تحويل. وفي الأصل : وقد كادت ثفر ، صوابه في ح والديوان.