حتى رفع (١) إلى أمير المؤمنين ، وقد بعث معاوية مائتي رجل من الفعلة إلى عاقول من النهر (٢) ، بأيديهم المرور والزبل (٣) يحفرون فيها بحيال عسكر علي ابن أبي طالب ، فقال علي عليهالسلام : ويحكم ، إن الذي يعالج معاوية لا يستقيم له ولا يقوم عليه (٤) ، وإنما يريد أن يزيلكم عن مكانكم ، فالهوا عن ذلك ودعوه. فقالوا له : لا ندعهم (٥) والله يحفرون الساعة. فقال علي : يا أهل العراق لا تكونوا ضعفي (٦) ، ويحكم لا تغلبوني على رأيي. فقالوا : والله لنرتحلن ، فإن شئت فارتحل ، وإن شئت فأقم. فارتحلوا وصعدوا بعسكرهم مليا (٧) ، وارتحل علي في أخريات الناس ، وهو يقول :
ولو أني أطعت عصبت قومي |
|
إلى ركن اليمامة أو شمام (٨) |
ولكني إذا أبرمت أمرا |
|
منيت بخلف آراء الطغام |
وارتحل معاوية حتى نزل على معسكر علي الذي كان فيه ، فدعا على الأشتر ، فقال : ألم تغلبني على رائي (٩) أنت والأشعث؟ فدونكما. فقال الأشعث : أنا أكفيك يا أمير المؤمنين ، سأداوي ما أفسدت اليوم من ذلك. فجمع بني كندة ، وقال : يا معشر كندة ، لا تفضحوني اليوم ولا تخزوني ،
__________________
(١) في الأصل : « دفع » بالدال ، وأثبت ما في ح ( ١ : ٣٤٣ ).
(٢) عاقول النهر والوادي والرمل : ما اعوج منه.
(٣) المرور : جمع مر ، بالفتح ، وهو المسحاة. والزبل ، بضمتين : جمع زبيل ، وهو الجراب والقفة. في الأصل : « الزبيل » والوجه الجمع. وفي ح : « المزور والرمل » تحريف.
(٤) ح : « ولا يقوى عليه ».
(٥) في الأصل : « هم » بدل : « لا ندعهم » صوابه في ح.
(٦) كذا في الأصل. ولعلها : « خلفي » وهو بالكسر : المخالف.
(٧) مليا : طويلا. ومنه : ( واهجرني مليا ) وفي الأصل : « عليا » صوابه في ح.
(٨) ح : « عصمت قومي ». وشمام : جبل لباهلة. وفي الأصل : « شآم » وجهه في ح.
(٩) الراء : الرأي. وفي ح : « رأيي ».