هي منصرفة إليه بعد وجود ما يمنع عن الانصراف في خطاباته تعالى كما أشير آنفا
(أقول) ان المصنف قد استنتج من مجرد عدم وضع الأدوات للخطاب مع المخاطب الحقيقي وعدم انصرافها إليه في الخطابات الإلهية عموم الخطابات الشفاهية وشمولها للغائبين والمعدومين جميعا نظرا إلى انها لو عمتهما لم يلزم تجوز في الأدوات أصلا (وهو كما ترى ضعيف جدا) فانه بعد الاعتراف بكون المخاطبة الحقيقية مع المعدوم مما لا تصح الا تنزيلا فالخطابات الإلهية هب انها لو حملت على العموم لم يلزم تجوز في الأدوات أصلا ولكن يلزم لا محالة عناية في المخاطبة كما لا يخفى (وعليه) فالأولى الاعتراف بان حمل الخطابات الشفاهية على العموم والشمول مستلزم للعناية والتنزيل وان كان ذلك في المخاطبة لا في الأدوات غايته أن القرينة التي قد منعت عن انصراف الأدوات إلى التخاطب مع المخاطب الحقيقي هي التي دلت على كون المخاطبة تنزيلية ليست هي مع خصوص المخاطب الحقيقي أي مع الحاضر الملتفت كي لا تشمل الغائب والمعدوم جميعا.
(وبالجملة) ان الخطابات الشفاهية القرآنية بقرينة عدم اختصاص الحكم فيها بطبقة دون طبقة وعصر دون عصر وأنه يشترك فيه الكل إلى يوم القيامة ظاهرة جدا في العموم والشمول للجميع من الحاضر والغائب والمعدوم جميعا ولكن ذلك مما يوجب العناية والتنزيل في المخاطبة بتنزيل الغائب والمعدوم منزلة الحاضر الملتفت وان لم يوجب ذلك عناية في أدوات الخطاب أصلا نظرا إلى وضعها لمطلق الخطاب الإيقاعي لا لخصوص الخطاب مع المخاطب الحقيقي فتدبر جيدا.
(قوله كما أن قضية إرادة العموم منه لغيرهم استعماله في غيره ... إلخ) أي كما أن مقتضى إرادة العموم مما يقع في تلوه لغير الحاضرين من الغائبين