أو سكونا فيه ، وليس المعنى جاعل الليل مقدرا فيه السكون حتى يلزم منه وصف الله تعالى ، المعنى جاعل الليل مقدرا فيه السكون ومقدرا اسم مفعول ، فلا يلزم منه هذا بالنص لكن باللزوم من جهة أن الله هو الفاعل لكل شيء ، قال : ونص النحويون في خبر المبتدأ والحال والصفة إنما يمتنع جريانها على غير من هي له وإنما يجب إبراز الضمير فيها مطلقا ، والكوفيون يجوزونه إذا أمن اللبس ، انتهى.
قوله تعالى : (قَدْ فَصَّلْنَا الْآياتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ).
قال الزمخشري : خصص الأول (يَعْلَمُونَ) ، والثاني (يَفْقَهُونَ ؛) لأن إنشاء الإنسان من نفس واحدة ، ونظيره إلى حالات مختلفة ألطف وأدق صنعة وتدبيرا فناسب تخصيصه بالفقه المقتضي لاستعمال الفطنة وتدقيق النظر.
ابن عرفة : وتقدمنا تقريره بوجهين : المعنى أن العلم راجع للتصور ، والفقه راجع للتصديق فتناسب أن يعقب الأول ب (يَعْلَمُونَ ؛) لأنه بدئ به فعقبه بما هو سابق على التصدق.
قال : وعكس آخرون ، فقالوا : العلم راجع لعلم الكلام وغيره من العلوم ، وعلم الكلام إنما يتكلم فيه باليقين المحقق لا بالظن ، والفقه أحكامه كلها ظنية فيعلمون أبلغ من يفقهون.
قوله تعالى : (وَهُوَ الَّذِي أَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً فَأَخْرَجْنا بِهِ نَباتَ كُلِّ شَيْءٍ).
ابن عرفة : وقع التذكير بآية سماوية ، ثم تخلف أنفسهم ، ثم تقوم أنفسهم.
[٣١ / ١٥٣] قوله تعالى : (فَأَخْرَجْنا بِهِ نَباتَ كُلِّ شَيْءٍ).
هذا التفات ، فإن قلت : ما فائدة الالتفات هنا في الانتقال من الغيبة إلى المتكلم ، قلنا : فائدته أن هذا الباب أعجب وأغرب من الأول ففيه رد على الطبائعية إذ لو كانت هذه الأشياء أصل بالطبيعة لكان الشجر المسقي بالماء الحلو حلو أكله ، والمسقي بالماء المالح مالحا أكله ، قال تعالى (يُسْقى بِماءٍ واحِدٍ وَنُفَضِّلُ بَعْضَها عَلى بَعْضٍ فِي الْأُكُلِ) [سورة الرعد : ٤] فأسند تعالى فعلها إليه إشارة إلى أنه خالق كل شيء.
قوله تعالى : (فَأَخْرَجْنا مِنْهُ خَضِراً).
لأن الجداول ما ينشق يخرج نباته أبيض ، ثم يخرج من هذا الأبيض شيء أخضر وانظر نواة التمر كيف يخرج منها بالجمار.
قوله تعالى : (نُخْرِجُ مِنْهُ حَبًّا مُتَراكِباً).