الحق والقول أعم من الكلام ، قال : وجوابه أن القول أعم باعتبار فهمنا لمفهوم الأعم فقدم الأعم ولازم الأخص يلزم الأخص باعتبار فهمنا.
قوله تعالى : (وَلَهُ الْمُلْكُ).
هذا من باب تكميل التكميل ؛ لأن الأول أفاد أن قوله نافذ ، والثاني أفاد أن فعل نافذ فصح أنه هو لا إله غيره ؛ لأن له الملك والملك يستلزم الملك فهو له الملك ، وحقيقته التصرف في الشيء لا نفس التصرف فيه ؛ لأن له الملك في الأزل ، ولا تصرف هنالك بالفعل فيه ، والمراد : الملك المنفرد عن الدعوى وإلا فله الملك الآن وفي كل وقت لكنه معه دعوى المخلوق له.
قال : وهو ملك خاص لا يدعيه أحد.
قال ابن عطية : وقرأ الحسن والأعمش : (عالِمُ الْغَيْبِ) بالخفض على النعت للمضمر الذي في له أو على البدل منه.
ابن عرفة : انظر لهذا كان بعضهم يقول أن ابن عطية ضعيف في العربية أن الضمير لا ينعت ولا ينعت به ، قلت له : قد قاله الزمخشري في آخر سورة العقود.
قوله تعالى : (وَحاجَّهُ قَوْمُهُ).
قال ابن عرفة : تقدم لنا في مثل هذا أن الفاعل البادئ بالفعل واستشكلوا قوله تعالى : (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِي حَاجَّ إِبْراهِيمَ فِي رَبِّهِ) [سورة البقرة : ٢٥٨] ، ثم قال (رَبِّيَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ) [سورة البقرة : ٢٥٨] فدل على أن إبراهيم هو البادئ ، وتقدير الجواب بأن إبراهيم بدأ بالمقاولة وهي الدعوى ونمرود بدأ بالمحاجة في تلك الدعوى والرد عليها ، أو نقول : أن قوله : (إِذْ قالَ إِبْراهِيمُ) ظرف للمحاجة أي حاج إبراهيم حين قال إبراهيم : [٣١ / ١٥٢] (رَبِّيَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ) [سورة البقرة : ٢٥٨] فحاجه في ذلك الوقت فلا يلزم فيه تقدم كلام إبراهيم.
قوله تعالى : (أَتُحاجُّونِّي فِي اللهِ وَقَدْ هَدانِ).
المتبادر للفهم إن كان يقال : وقد هداكم وأما هدايته فلا تصح المحاجة بها ، والجواب أن المراد وقد هداني بالدلائل الظاهرة الواضحة البينة التي لا تخفى على أحد ، قال : وقد تقدم الخلاف في قراءة علم أصول الدين (١) وقد يحتج بهذه الآية من يتبع قراءته ، ويجاب بأن المحاجة في الله لمن هو محق جائزة ، أعني أن المحاجة
__________________
(١) وردت في الحاشية : الخلاف في علم أصول الدين ، يعني علم أصول الدين.