قيل لابن عرفة : إنما خالف الكفار في الحشر من أصله ، ولم يقل أحد منهم ممن أثبت الحشر أن غير الله فهو الذي يحشرهم ، فأجيب بوجهين :
الأول : الحصر لمطلق الربط مثل :
هما تفلا في فيّ من فمويهما |
|
على النابح العاوي أشد رجام |
قاله الزمخشري في (وَما هُمْ بِخارِجِينَ مِنَ النَّارِ) [سورة البقرة : ١٦٧].
الثاني : أن الكفار لما عبدوا الأصنام كانت عبادتهم لها مستلزمة لاعتقادهم فيها حصول مجازاتها إياهم على ذلك من الثواب أو العقاب ، والجزاء إنما هو في الدار الآخرة فكان إثبات الشر له في الحشر لغير الله من لازم فعلهم لا من نفس فعلهم فلذلك احتيج لأداة الحصر.
قوله تعالى : (وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ).
ففي جمعه ضمنه أنه خلقكم ، قال تعالى (لَخَلْقُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ النَّاسِ) [سورة غافر : ٥٧] فكذلك تعلمون أنكم إليه تحشرون فأتت الجملة الثانية دليلا على الأولى.
قوله تعالى : (خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ).
ابن عرفة : الباء للمصاحبة أي مصاحبة للجواز.
الزمخشري يناسب أن يكون على مذهبه المسبب ؛ لأنه يقول تعليل الأفعال ووجوب مراعاة الأصلح والخفاء في اللغة هو مقرر أمر مطابق للاعتقاد متفقد تقرره ، وفي الاصطلاح كذلك بزيادة لمصلحة دينية فينبغي كفر الكافر على الأول حق وعلى الثاني باطل ، وهو هنا باعتبار اللغة وقولنا تقرر أمر ليدخل الوجودي والعدمي كقولك دفع النقيضين حق.
قوله تعالى : (قَوْلُهُ الْحَقُّ).
المراد بالحق الصدق الثابت.
قال الزمخشري : وقوله محتمل لأن يكون فاعلا بقوله (فَيَكُونُ).
ورده ابن عرفة بأنه يلزم عليه حدوث القول لكنه جاز على مذهب الزمخشري ، قال : وجاوبنا نحن إما أن المراد بقوله (فَيَكُونُ) ظهور ذلك أو المراد متعلق القول لا تفسير القول ، قال : وتقدمنا معارضتها ، بقوله تعالى : (يُرِيدُونَ أَنْ يُبَدِّلُوا كَلامَ اللهِ قُلْ لَنْ تَتَّبِعُونا) [سورة الفتح : ١٥] ولم يقل : تبدلوا قول الله ، ولم يقل هنا : علامة