إن قلت : هلا قيل : عضوا عليكم أناملهم ، فالجواب : أنه إشارة إلى شدة غيظهم ، وشغل بالهم بحيث يعضوا على أناملهم وأنامل غيرهم.
قال ابن عطية : وواحدة الأنامل أنملة بضم الميم وفتحها والضم أشهر ، ونقل بعض الطلبة ، إن القاضي ابن حيدرة كان يقول : الفتح أشهر ، وكذا قال ابن عرفة في كتاب الجنايات في المدونة.
قال ابن عطية : عض الأنامل إشعار بغيظ النفس ، كما أن قرع الأسنان إشعار بالندم.
قال ابن عرفة : وقال الشهرستاني في أول كتابه نهاية الإقدام : لعمري لقد طفت المعاهد كلها ، وقلبت طرفي بين تلك المعالم فلم أر إلا واضعا كف حائر على لحية ، أو قارعا من نادم.
قال ابن عرفة : وكان الفقيه أبو علي عمر بن خليل ، وغيره ينتقدون عليه قوله : واضعا كف حائر ، قالوا : فإن هذا إبطال لمذهب الشيخ أبي الحسن الأشعري ، والأستاذ أبي إسحاق الإسفراييني ، والقاضي أبي بكر الباقلاني ، وأكثر أهل السنة لاقتضاء أنه حائر لم تقف على حقيقة أمر [٢٠/٩٩ و] بوجه.
قوله تعالى : (قُلْ مُوتُوا بِغَيْظِكُمْ).
قيل : إنه خبر كقوله تعالى : (فَلْيَمْدُدْ بِسَبَبٍ إِلَى السَّماءِ ثُمَّ لْيَقْطَعْ) [سورة الحج : ١٥] ، وكقوله تعالى : (قُلْ مَنْ كانَ فِي الضَّلالَةِ فَلْيَمْدُدْ لَهُ الرَّحْمنُ مَدًّا) [سورة مريم : ٧٥] هو أمر المراد به الخبر ، وقيل : إنه دعاء.
ابن عرفة : والظاهر أنه خبر ؛ لأنه مستقبل ، أي يموتون بغيظكم ، وليس الموت من فعلهم حتى يؤمرون.
قوله تعالى : (إِنْ تَمْسَسْكُمْ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ).
قال ابن عرفة : لما تضمن الكلام السابق الإخبار سالم المنافقين من المؤمنين في حال غيبتهم عنه عقبه بما يدل على فاعلهم منهم مطلقا في الغيبة ، والحضور وكفى بالحسنة على الملائم بالسيئة على الشيء المؤلم ، وأورد الزمخشري : أن لم ذكر السن في الحسنة والإصابة في السيئة؟ فأجاب بجواب لا يقتضي ، وأجاب ابن عطية : بأنه