أحدها : من
ألطاف الله تعالى أنه [٤ و] إذا ذكر نعمة أسندها إليه ، قال : (إِذا أَذَقْنَا الْإِنْسانَ مِنَّا
رَحْمَةً فَرِحَ بِها وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ) [سورة الشورى : ٤٨] ، وكذلك قال إبراهيم ـ عليه الصلاة والسّلام ـ : (وَإِذا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ) [سورة الشعراء : ٨٠].
الثاني : إنما
قال : (غَيْرِ الْمَغْضُوبِ) ليدخل غضبه وغضب الملائكة والأنبياء والمؤمنين فهو أعم
فائدة.
الثالث : أما
لم يقل : صراط المنعم عليهم ؛ لأن إبراز ضمير فاعل النعمة ذكر وشكر له باللسان
وبالقلب فيكون دعاء مقرونا بالشكر والذكر.
الرابع : فيه
فائدة بيانية وهو أنه من التفنين في الكلام ؛ لأنه لو أجري على أسلوب واحد لم يكن
فيه تلك اللذاذة ، وإذا اختلف أسلوب الغنى السامع إليه سمعه وهو تنبيه وطلب إحضار
ذهنه من قريب ومن بعيد.
قلت : أو إشارة
إلى قوله تعالى : (ما أَصابَكَ مِنْ
حَسَنَةٍ فَمِنَ اللهِ وَما أَصابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ) [سورة النساء : ٧٩] فالنعمة تفضل ورحمة ، والانتقام عدل وقصاص .
قلت : ونقل لي
بعضهم أن القاضي أبا عبد الله محمد بن عبد السّلام سئل ما السر في إن قيل : (اهْدِنَا الصِّراطَ) بنون العظمة والداعي واحد وهو محل تضرع وخضوع فهلا قال : اهدني؟
فأجاب بأن
المصلي وإن كان واحدا فهلا طالب لنفسه ولجميع المسلمين ، قال : أو يقول : إن
المصلي لما صلى في مناجاة الله تعالى وهي من أعظم الأشياء فعظم لذلك وهو الجواب في
(نَعْبُدُ) و (نَسْتَعِينُ).
__________________