قبول دعوى المدعي على خصمه من غير دليل ترجيح من غير مرجح ، وهو باطل وإعمال الدعوتين جمع بين النقيضين وإبطالهما يرد إلى الإهمال والتعطيل ، فلذلك ترد دعواه الرسالة بالآية فظاهر كلام ابن التلمساني شارح المعالم الدينية : إن الأمر الخارق للعادة ما يسمى آية إلا إذا كان معه التحدي كذا نقل عنه بعض الطلبة.
وقال ابن عرفة : بل الآية أعم كان معها التحدي حسا أو حكما فهي معجزة.
قوله تعالى : (أَنِّي أَخْلُقُ).
أي أقدر.
قال الشاعر :
ولانت تعزي ما خلقت |
|
وبعض القوم بخلق ثم لا يعزي |
ابن عرفة : معناه تقدر مثلا أنك تقدر عشرة ، وتصدق ذلك بالفعل وبعض القوم يقدر شيئا ثم لا يستطيع أن يفعله.
قوله تعالى : (فَأَنْفُخُ فِيهِ).
قال الفخر : احتج بها من يقول : إن الروح جسم لطيف ؛ لأن النفخ إنما هو بالجسم.
ورده ابن عرفة بأن عيسى لا ينفخ الروح.
قوله تعالى : (بِإِذْنِ اللهِ).
أي بقدره ، وقال ابن عطية : يعلمه أي يعلمه أفعل ذلك ، وتمكينه إياي.
ابن عرفة : لو لا قوله : وتمكينه لكان كلاما خلقا لإبقاء مذهب المعتزلة ، والمراد بالتمكين إقداره إياه على فعله ؛ لأن التمكين هو القدرة على الفعل ، ولذلك قال تأمل قوله تعالى : (فَهَزَمُوهُمْ بِإِذْنِ اللهِ) مع قوله صلّى الله عليه وعلى آله وسلم" البكر تستأمر وأذنها صماتها" فناقض بين الآية والحديث ؛ لأن معنى الآية فهزموهم بقدرة الله ، ومعنى الحديث الإخبار بعجز البكر عن التصرف في أمرها ، وعلى العقد على نفسها ؛ لأن الإذن فيهما مختلف.
ابن عرفة : وإنما قال : (أَخْلُقُ لَكُمْ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ) ولم يقل فيه : (بِإِذْنِ اللهِ ؛) لأن ذلك لا يمكن البشر فعله عادة فالفخارون والشماعون يصنعون مثل ذلك ، وكذلك : (وَأُبْرِئُ الْأَكْمَهَ وَالْأَبْرَصَ) ولم يقل فيه (بِإِذْنِ اللهِ) لأنه ممكن من غير