ـ ١ ـ
ذات الله
جاء الإسلام
بالأصول الكاملة للعقيدة الصحيحة ، فقرر ان الله يتعالى عن احاطة العقول بكنهه ،
او ادراك ذاته ، وان غاية ما كتب لها من إدراكه هو العجز عن إدراكه ، فقال سبحانه : (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ) ، (يَعْلَمُ ما بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَما
خَلْفَهُمْ وَلا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْماً) ، (لا تُدْرِكُهُ الْأَبْصارُ وَهُوَ
يُدْرِكُ الْأَبْصارَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ) ، (هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ
وَالظَّاهِرُ وَالْباطِنُ) .
ولا يخفى ان هذا
هو نهاية ما وصلت اليه الفلسفة فى القرن العشرين ، فقد نصت على ان الله موجود ولكن
العقل لا يمكن ان يدرك كنه وجوده ولا صورته ، فهو روح الوجود وقيومه .
وبينما كانت الأمم
تخوض فى تحديد الله وتعريفه وتركيبه وتأليفه ، وتطلق لخيالها العنان فى ذلك ، إذا بالقرآن يهيب بذلك
الخيال ان قف حيث أنت ، هذا مقام ليس لك عليه سلطان ، ولا لك فى الجولان فيه يدان .
وقد بعث محمد عليه
الصلاة والسلام ، بدين وشريعة ، اما الدين فقد استوفاه الله كله فى كتابه الكريم
ووحيه «ولم يكل الناس الى عقولهم فى شيء منه » ، واما الشريعة فقد استوفى أصولها ، ثم ترك للنظر
الاجتهادى تفصيلها ، وجاء فى القرآن الكريم : (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ
وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلامَ دِيناً) .
__________________