ومن آياته ما بين سماحة الإسلام ويسر تعاليمه وموافقته للفطرة السمحة ، كقوله سبحانه (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُحَرِّمُوا طَيِّباتِ ما أَحَلَّ اللهُ لَكُمْ) (١٦).
قال المفسرون ومقاتل (١٧) : نزلت فى عشر نفر منهم على بن ابى طالب رضى الله عنه وعمر وابن مسعود وعمار بن ياسر وعثمان بن مظعون والمقداد بن الأسود وابو ذر الغفاري وسلمان الفارسي وحذيفة بن اليمان وسالم مولى ابى حذيفة ورجل آخر ، اجتمعوا فى بيت عثمان بن مظعون وذلك ان بعض الصحابة اتفقوا على ان يصوموا النهار ويقوموا الليل ولا يناموا على الفرش ولا يأكلوا اللحم ، ويترهبنوا ويجبوا المذاكير ، فانزل الله الآية.
ومنه ما بين احكام العبادات كالصلاة والصيام والطهارة مثل قوله تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرافِقِ وَامْسَحُوا بِرُؤُسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُباً فَاطَّهَّرُوا وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضى) (١٨) (أَوْ عَلى سَفَرٍ) ... الآية) (١٩).
قال وقد نزلت فى عائشة رضى الله عنها حين أسقطت قلادتها وهي مع النبي صلىاللهعليهوسلم فى غزاة بنى أنمار ، وهم حي من قيس عيلان (٢٠).
وهناك حوادث فردية نادرة الحدوث كانت سببا فى نزول آيات من القرآن الكريم ، حلالها وبيانا لامثالها. مثل قوله تعالى :
(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا شَهادَةُ بَيْنِكُمْ إِذا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ حِينَ الْوَصِيَّةِ اثْنانِ ذَوا عَدْلٍ مِنْكُمْ أَوْ آخَرانِ مِنْ غَيْرِكُمْ ...) سورة المائدة : ١٠٦.
قال مقاتل (٢١) : نزلت فى بديل بن ابى مارية مولى العاص بن وائل السهمي كان خرج مسافرا فى البحر الى ارض النجاشي ومعه رجلان نصرانيان أحدهما يسمى تميم بن أوس الداري وكان من لحم وعدى بن بندا ، فمات بديل وهم فى البحر فرمى
__________________
(١٦) سورة المائدة : ٨٧.
(١٧) تفسير مقاتل مخطوطة احمد الثالث ج ١ ورقة ١٠٦ ب ، وانظر تحقيقنا له : ١ / ٤٩٨.
كما ورد فى اسباب النزول للواحدي : ١١٧ ، وفى لباب النقول فى اسباب النزول للسيوطي.
(١٨) قال مقاتل نزلت (وان كنتم رضى) فى عبد الرحمن بن عوف ، انظر تفسير مقاتل مخطوطة احمد الثالث ج ١ ورقة ٩٣ ب وانظر تحقيقنا له : ١ / ٤٥٥. كما ورد ذلك فى اسباب النزول للواحدي ، وفى لباب النقول للسيوطي.
(١٩) سورة المائدة : ٦ وتمامها : (... أَوْ جاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغائِطِ أَوْ لامَسْتُمُ النِّساءَ فَلَمْ تَجِدُوا ماءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ ما يُرِيدُ اللهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ وَلكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ)
(٢٠) ورد ذلك فى حديث طويل فى صحيح البخاري ايضا. وهو موافق لما ذكره مقاتل فى اسباب نزول الآية ، انظر تفسير مقاتل مخطوطة احمد الثالث الجزء الثاني ورقة ٣٥ ا ، ٣٥ ب ، وانظر تحقيقنا له ٣ / ١٨٧ ـ ١٩٠.
(٢١) تفسير مقاتل مخطوطة احمد الثالث ج ١ ، ورقة رقم ١١٠ ب. ١١١ ا. وانظر تحقيقنا له : ١ / ٥١١ ـ ٥٢٣ ، كما وردت قصة هذه الآية فى اسباب النزول للواحدي : ١٢١ ، وفى لباب النقول فى اسباب النزول للسيوطي : ٩٧.