والظاهرة الجديرة
بالملاحظة ان تفسير مقاتل قد خلا خلوا تاما من القول باللحم والدم المنسوب اليه فى
كتب النحل ، فاما ان يكون مقاتل قال ذلك فى صدر حياته ثم عدل عنه ، او يكون خصومه
تقولوه عليه ، او يكون القائل باللحم والدم مقاتل ابن سليمان آخر ، غير مقاتل بن
سليمان المفسر ، كما ذكر ذلك السكسكي فى برهانه ، او يكون رواة تفسير مقاتل هذبوه
وحذفوا منه القول باللحم والدم ، او يكون مقاتل قال ذلك فى علم الكلام ، او عند
جداله مع جهم فى الصفات ، ولم يقله فى تفسير القرآن الكريم.
اما ترجيح احد هذه
الفروض ، فهو ما أرجو ان اهتدى اليه ان شاء الله.
ـ ٢ ـ
رؤية الله عند مقاتل
ذهب مقاتل الى
اثبات الصفات ، كما فسر القرآن على اثبات رؤية الله يوم القيامة.
وقد أنكر جهم رؤية
الله يوم القيامة ، اعتمادا على قوله تعالى : (لا تُدْرِكُهُ الْأَبْصارُ وَهُوَ
يُدْرِكُ الْأَبْصارَ) .
اما مقاتل فقد اثبت
الرؤية اعتمادا على قوله تعالى : (وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ ناضِرَةٌ إِلى
رَبِّها ناظِرَةٌ) ـ (القيامة / ٢٢ ، ٢٣).
وقوله تعالى : (كَلَّا
إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ) (المطففين / ١٥).
وقوله سبحانه : (هَلْ
يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ يَأْتِيَهُمُ اللهُ فِي ظُلَلٍ مِنَ الْغَمامِ
وَالْمَلائِكَةُ وَقُضِيَ الْأَمْرُ وَإِلَى اللهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ) (البقرة / ٢١٠) .
وقوله تعالى : (تَحِيَّتُهُمْ
يَوْمَ يَلْقَوْنَهُ سَلامٌ) (الأحزاب / ٤٤).
وقد فسر هذه
الآيات على اثبات رؤية الله تعالى يوم القيامة ، اما الآيات التي تنفى رؤية الله
مثل (لا تُدْرِكُهُ الْأَبْصارُ) فقد أولها مقاتل بان الخلق لا يرون الله فى الدنيا دون
الآخرة ، ولا فى السموات دون الجنة. قال مقاتل : «واما قوله جل ثناؤه (لا
تُدْرِكُهُ الْأَبْصارُ) وقال فى آية اخرى : (وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ ناضِرَةٌ إِلى
رَبِّها ناظِرَةٌ)
__________________