تسكينا آنيا .. وحير علماء الأمة أربعة عشر قرنا في تصور معنى معقول لهذا الحديث أو هذه النظرية!
إن ابن جزي الذي اعترف بتحيره وبحثه أكثر من ثلاثين سنة عن معنى مفهوم لنظرية الخليفة .. ما هو إلا نموذج لحيرة خيرة أئمتهم وعلمائهم الذين عملوا المستحيل حتى يجدوا وجها معقولا لنظرية الأحرف السبعة ، وما ازدادوا إلا حيرة وتخبطا .. فكلما خرجوا من مطب وقعوا في آخر أكبر منه .. وليس ذلك بسبب ضعفهم العلمي ، ولكن بسبب أنهم تبنوا نظرية عصمة الخليفة عمر ، فصاروا مجبورين أن يبحثوا عن وجه معقول لمقولة الأحرف السبعة التي قالها الخليفة ورواها عنه البخاري .. حتى لو كان البحث عن ذلك عقيما .. وطال الى يوم القيامة!!
لقد حاول بعض عقلائهم أن يجد مخرجا سليما لهذه الورطة ويقنعهم بأن حديث (نزل القرآن على سبعة أحرف) يقصد معاني القرآن لا ألفاظه ، فالقرآن كون مثل هذا الكون ، ونظامه سباعي كالسماوات السبع .. ولكنهم ردوه بأن الأحاديث تصرح بأن الخليفة عمر قال إن المقصود بالأحرف السبعة الألفاظ لا المعاني .. وهكذا أقفلوا الباب على أنفسهم .. وعادوا في الورطة!!
وستعرف أن رأي أهل البيت عليهمالسلام أن القرآن نزل من عند الواحد على حرف واحد ، وأن حديث نزوله على سبعة أحرف قصد به النبي صلىاللهعليهوآله معاني القرآن .. ولكن الخليفة أصر على توظيفه لحل مشكلة الألفاظ وتفاوت القراءات!
قال السيوطي في الإتقان في علوم القرآن ج ١ ص ١٦٨ (قال الطحاوي : وإنما كان ذلك رخصة (أي القراءة بسبعة أحرف) لما كان يتعسر على كثير منهم التلاوة بلفظ واحد لعدم علمهم بالكتابة والضبط وإتقان الحفظ ، ثم نسخ بزوال العذر وتيسر الكتابة والحفظ. وكذا قال ابن عبد البر والباقلاني وآخرون. وفي فضائل أبي عبيد من طريق عون بن عبد الله أن ابن مسعود أقرأ رجلا (إن شجرة الزقوم ، طعام الأثيم) فقال الرجل : طعام اليتيم ، فردها فلم يستقم بها لسانه ، فقال أتستطيع أن تقول طعام الفاجر؟ قال نعم ، قال فافعل) انتهى.