يلوِّحُ بثوبِهِ (١) ، فيكونُ ذلكَ دعاءً وإنذاراً.
والثَّيّبُ : المرأةُ دُخِلَ بها والرجلُ دَخَلَ بامرأتِهِ ، أو هي المرأةُ فارقَتْ زوجَها والرجلُ فارقَ زوجةً ، أو هي خاصّةٌ بالمرأةِ ولا يقالُ في الرجلِ إلاَّ تغليباً ، والأوّلُ أشهرُ ؛ قالَ جارُ اللهِ : يقالُ للرجلِ والمرأةِ ثَيِّبٌ ، وهو « فَيْعِلٌ » من ثابَ يَثوبُ ، كسَيِّدٍ من سادَ يَسودُ ؛ لمعاودتِهِما التزوّجَ في غالبِ الأمرِ ، وقولُهُم : ثَيَّبَتْ (٢) مبنيٌّ من لفظِ ثَيِّبٍ ، ويجوزُ أنْ يكونَ « فَيْعَلَتْ » (٣) كما في تَدَيَّرت المكانَ (٤).
وقيلَ : هو ممّا عينُهُ ياءٌ ، كالطيِّبِ من : طابَ يَطِيبُ ، وإنْ لم يَكُنْ له فعلٌ ثلاثيٌ (٥).
والأوّلُ هو المشهورُ الذي عليه الجمهورُ ، فلا عِبرةَ بقولِ الفيروز اباديِّ : ذكرُهُ في « ث و ب » وهمٌ.
الكتاب
( وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثابَةً لِلنَّاسِ ) (٦) أي مرجِعاً ؛ يتفرّقونَ عنه ثُمّ يَثوبونَ إليه ، أو موضعَ ثوابٍ ؛ يُثابونَ بحجِّهِ واعتمارِهِ.
( فَأَثابَكُمْ غَمًّا بِغَمٍ ) (٧) جازاكم غمّاً ـ وهو غمُّ الانهزامِ وقتلِ الأحبابِ ـ عوضَ غمٍّ ؛ وهو غمُّ الرسولِ الذي أذقتموهُ إيّاهُ بسببِ عصيانِ أمرِهِ ، أو غمّاً مصاحِباً لغمٍّ ؛ فالأوّلُ : غمُّ الفشلِ والتنازعِ ، أو ما أصابَكُم في أنفسِكُم وأموالِكُم. والثاني : ما حَصَلَ عندَ الهزيمةِ ، أو غمَّ الإرجافِ بقتلِ الرسولِ ، أو غمّاً موصولاً بغمٍّ ؛ والمرادُ مواصلةُ الغمومِ وتتابعُها وكثرتُها.
__________________
(١) انظر النهاية ١ : ٢٢٦.
(٢) كذا في « ت » و « ج ». وفي الفائق : « تَثَيَّبْتُ ».
(٣) في الفائق : « فَيْعَلْتُ ».
(٤) انظر الفائق ١ : ١٨٢.
(٥) كل من ذهب إلى أنّه يائيٌّ ذهب إلى هذا الإشتقاق ، ومنهم الفيروز آباديّ في القاموس.
(٦) البقرة : ١٢٥.
(٧) آل عمران : ١٥٣.