علمه ثم ألزم حقه على عبده وحبيبه ، وعلى جميع الخلائق من العرش إلى الثرى بعد بيانه أنه هو القادر بذلك لا غير وأمره بالصبر في عبادته ، وأوضح الحجة بأن لا شريك له في ملكه ولا ضد له في سلطانه ولا ندب له في كبريائه بقوله : (هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا) أي : ما تعلم إلها غيري ووجود ألوهية الغير مستحيل من كل الوجوه أي : اصبر معي في عبادتي ومعرفتي ، واستغن بي في خدمتي ومعرفتك بي ، وسل مني ما تريد ، ولا تظهر حوائجك لغيري ، فإن ما تريد لا يقدر بذلك أحد سواي.
قال محمد بن الفضل : هل تعلم أحدا يجيبك في أي وقت دعوته ، ويقبلك في أي أوان قصدته؟
وقال الحسين بن الفضل : هل يستحق أحد أن يسمى باسم من أسمائه على الحقيقة ، وقال أهل التفسير : هل تعلم أحدا يسمي الله إلا الله؟
ومن أوضح النكت في أسرار الحقيقة من الاية نفي الحق الربوبية عن كل متصف مستمد ، وإن كانوا مستغرقين في جمال ألوهيته ، وردهم إلى قيمتهم من العبودية أي : مادامت تلك الكسوة النورية الأزلية عليكم عارية تذهب بذهاب الكشوف وغيبة للمواجيد والصحو بعد السكر ، ينبغي ألا تبرجوا من أصل قيمتكم ؛ فإن القدم قائم بالقدم ، وبقي الحدث على نعته.
كنت أنت إذ غبت فينا بل أنا كنت |
|
إذا غبت عنا أنا أنا وأنت أنت |
هل تعلم له سميّا بحقيقة اسم الألوهية التي أنوارها تزيل الحدثان ، وتهلك جميع الأكوان بقهر سلطانها ، وتصديق هذه الإشارات.
(أَوَلا يَذْكُرُ الْإِنْسانُ أَنَّا خَلَقْناهُ مِنْ قَبْلُ وَلَمْ يَكُ شَيْئاً (٦٧) فَوَ رَبِّكَ لَنَحْشُرَنَّهُمْ وَالشَّياطِينَ ثُمَّ لَنُحْضِرَنَّهُمْ حَوْلَ جَهَنَّمَ جِثِيًّا (٦٨) ثُمَّ لَنَنْزِعَنَّ مِنْ كُلِّ شِيعَةٍ أَيُّهُمْ أَشَدُّ عَلَى الرَّحْمنِ عِتِيًّا (٦٩) ثُمَّ لَنَحْنُ أَعْلَمُ بِالَّذِينَ هُمْ أَوْلى بِها صِلِيًّا (٧٠) وَإِنْ مِنْكُمْ إِلاَّ وارِدُها كانَ عَلى رَبِّكَ حَتْماً مَقْضِيًّا (٧١) ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوْا وَنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيها جِثِيًّا (٧٢) وَإِذا تُتْلى عَلَيْهِمْ آياتُنا بَيِّناتٍ قالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا أَيُّ الْفَرِيقَيْنِ خَيْرٌ مَقاماً وَأَحْسَنُ نَدِيًّا (٧٣) وَكَمْ أَهْلَكْنا قَبْلَهُمْ مِنْ قَرْنٍ هُمْ أَحْسَنُ أَثاثاً وَرِءْياً (٧٤) قُلْ مَنْ كانَ فِي الضَّلالَةِ فَلْيَمْدُدْ لَهُ الرَّحْمنُ مَدًّا حَتَّى إِذا رَأَوْا ما يُوعَدُونَ إِمَّا الْعَذابَ وَإِمَّا السَّاعَةَ فَسَيَعْلَمُونَ مَنْ هُوَ شَرٌّ مَكاناً وَأَضْعَفُ جُنْداً (٧٥))