وقال سهل : يمنّ على من يشاء بتلاوة كلامه والفهم فيه.
وقال الأستاذ : ما نحن إلا أمثالكم ، والفرق بيننا أنه منّ علينا بتعريفه واستخلصنا أفردنا به من تشريفه.
(وَما لَنا أَلاَّ نَتَوَكَّلَ عَلَى اللهِ وَقَدْ هَدانا سُبُلَنا وَلَنَصْبِرَنَّ عَلى ما آذَيْتُمُونا وَعَلَى اللهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُتَوَكِّلُونَ (١٢) وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِرُسُلِهِمْ لَنُخْرِجَنَّكُمْ مِنْ أَرْضِنا أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنا فَأَوْحى إِلَيْهِمْ رَبُّهُمْ لَنُهْلِكَنَّ الظَّالِمِينَ (١٣))
قوله تعالى : (وَما لَنا أَلَّا نَتَوَكَّلَ عَلَى اللهِ وَقَدْ هَدانا سُبُلَنا) أخبر الله سبحانه عن الرسل اعترافهم في آخر الاية الماضية بالعجز عن التصرف في مملكته إلا بإذنه ، وعن براءتهم عن حولهم وقوتهم في ظهور المعجزة وبين اعترافهم ، أيضا بعجزهم في تحمل إيذاء قومهم ورجوعهم إليه.
وقال : (وَما لَنا أَلَّا نَتَوَكَّلَ عَلَى اللهِ) بعد أن عرفنا نفسه وأنوار ذاته وصفاته بأنه معين أوليائه وناصر أصفيائه ، توكلنا عليه لمعرفتنا به وما خصنا من لطائف وجوده ومشاهدته ، وقد هدانا سبلنا ، أضاف السبل إليهم ولبس السبل لهم ولكن السبل له.
قالوا : ذلك انبساطا أي مهّد لأرواحنا سبلا إلى نفسه ، ومعرفة شأنه ؛ فإذا سلكنا تلك السبل ورأيناه وراء السبل ، وعرفنا ذاته وصفاته نتوكل عليه به لا بنا.
قيل للحسين ما التوكل عندك قال : الخمود تحت الموارد ، وقال : سماعهم الأصم في قوله : (وَما لَنا أَلَّا نَتَوَكَّلَ عَلَى اللهِ) وقد هدينا سبلنا ، قال : ما لنا لا نثق بالله وقد أعطانا الإسلام والهدى.
وقال أبو العباس وابن عطاء : التوكل على التجارب خدعة ، والتصديق على مطاهرة الوجود لبسته.
قال الأستاذ : ما لنا ألا نتوكل على الله وقد وقانا من تكليف البرهان إلى وجود روح البيان بكثرة ما أفاض علينا من جميل الإحسان وكفانا من مهمات الشأن.
(وَلَنُسْكِنَنَّكُمُ الْأَرْضَ مِنْ بَعْدِهِمْ ذلِكَ لِمَنْ خافَ مَقامِي وَخافَ وَعِيدِ (١٤) وَاسْتَفْتَحُوا وَخابَ كُلُّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ (١٥) مِنْ وَرائِهِ جَهَنَّمُ وَيُسْقى مِنْ ماءٍ صَدِيدٍ (١٦) يَتَجَرَّعُهُ وَلا يَكادُ يُسِيغُهُ وَيَأْتِيهِ الْمَوْتُ مِنْ كُلِّ مَكانٍ وَما هُوَ بِمَيِّتٍ وَمِنْ وَرائِهِ عَذابٌ غَلِيظٌ (١٧) مَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ أَعْمالُهُمْ كَرَمادٍ اشْتَدَّتْ بِهِ الرِّيحُ فِي يَوْمٍ عاصِفٍ لا يَقْدِرُونَ مِمَّا كَسَبُوا عَلى شَيْءٍ ذلِكَ هُوَ الضَّلالُ الْبَعِيدُ (١٨) أَلَمْ تَرَ