والسلام ويتشرفون بالانتساب اليه اما في النسب أو في الدين والشريعة حتى ان عبدة الأوثان كانوا معظمين لإبراهيم عليهالسلام.
أقول هذا الوجه في نهاية الوهن والسقوط فإن الآية الكريمة في سياق التقدير لإبراهيم وإعطاء الإمامة إياه عليهالسلام تشريفا وتكريما في مرحلة الثواب لإتمام الكلمات ولا شاهد في المقام ان ذلك وعد لإبراهيم سيحققه تعالى ويجعله اماما الى قيام الساعة وليس إبراهيم اماما عندهم بالمعنى الذي جعله تعالى اماما وأي مناسبة بين إبراهيم وبين الوثنيين وبين اليهود وبين النصارى القائلين (عُزَيْرٌ ابْنُ اللهِ) و (الْمَسِيحُ ابْنُ اللهِ) فإن (أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْراهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَهذَا النَّبِيُ). آل عمران ـ ٤٨ فتحصل في المقام ان مورد الاتباع والائتمام بإبراهيم الإمام هي السنن التي سنها إبراهيم عليهالسلام وأمر بها ونهى عنها بأمر الله تعالى وباذنه بالإمامة التي أعطاها وكذلك في ما يفعل ويحكم ويأتي ويترك في الشؤون الاجتماعية القبض والبسط في ما يهتم من أمور العباد والطريق في إثبات ذلك السنن والأحكام هي الأدلة الشرعية أي القرآن الكريم والروايات المعتبرة المأثورة عن النبي (ص) وعن آله الأئمة الطاهرين.
قوله تعالى (إِماماً) بيان قوله تعالى (إِماماً) مفعول ثان لقوله تعالى (جاعِلُكَ) والظاهر انه مصدر من أم يؤم بمعنى المأموم مثل الإله بمعنى المألوه فيه قال في رياض السالكين ص ٤٧٦ والامام بمعنى المأموم كما نص عليه الجوهري انتهى.
وقال الرازي في تفسيره ج ٤ ص ٣٩ اسم من يؤتم به كالإزار اسم لما يؤتزر اي يأتمون بك في دينك انتهى.
أقول الظاهر ما ذكرناه انه مصدر قد روعي فيه معنى الاشتقاقي والوصفي وفي تاج العروس ج ٨ ص ١٩٢ قال الى ان قال أمهم وأم بهم تقدمهم والامام والأمم بالكسر كل ما ائتم به من رئيس وغيره كانوا على صراط مستقيم وكانوا صالحين.
وفيه أيضا قال قال الجوهري الإمام الذي يقتدي به انتهى.
قال في القاموس ج ٣ ص ٧٨ الامام ما يؤتم به من رئيس وغيره انتهى.
أقول قد ذكرنا ان الامام مصدر من أم يؤم ويؤيده ما أوردناه من كلام الجوهري وما أوردناه من تاج العروس انه مأخوذ من أم يؤم واما ما ذكره الرازي انه مثل الإزار اسم لما يؤتزر فبعيد جدا لما فيه من عدم العناية إلى المعنى الوصفي.
وكيف كان فالأمر المجعول بقوله تعالى (جاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِماماً) اي نجعله مؤتما به ومقتدى به في جميع ما أمر به ونهى وفي كل ما يفعل ويترك من الشؤون الدينية ولا يجوز تفسير ذلك بالرسالة كما فسره بذلك عبده ولا بالنبوة كما فعله الرازي فلا مناسبة ولا مساس بين مفهوم الإمامة ومصداقها وبين مفهوم النبوة