رواية حسين ابن سعيد وقوله فتكون له شفيعا وبشيرا وقرة عين فإن البشارة راجعة إلى مستقبل امره وكذلك سروره برؤيتهم وفرحه وقرة عينه بلقائهم كما هو صريح عدة من الروايات الظاهرة في ان هذا الفرح والسرور ما دام قاطنا في البرزخ سواء كان ذلك من باب الشفاعة لاوليائهم أو من باب الولاية الموهوبة لهم من الله كرامة وتشريفا فاتضح من جميع ما ذكرنا انه يجب الالتزام بإطلاق الآيات من حيث موطن الشفاعة والالتزام بمفاد هذه الروايات والرواية لابتلائها بالمعارض لا يصلح لتقييد إطلاق الآية.
الأمر الثاني : لا ريب في جواز الاستشفاع بالرسول الأكرم امام الأئمة الموحدين وبغيره من الأنبياء الكرام كما هو صريح قوله تعالى (وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ) الآية النساء (٦٤) وقد حث الله المذنبين بالتشرف بحضور رسوله (ص) والاستشفاع منه ووعد سبحانه ان يستجيب رسوله (ص) وان يعود على المذنبين برحمته وفضله وصريح قوله تعالى (يا أَبانَا اسْتَغْفِرْ لَنا) الآية يوسف (٩٧) وتحرم الامتناع والكف عن الاستشفاع إذا كان ذلك استنكافا واستكبارا على رسول الله (ص) قال تعالى (وَإِذا قِيلَ لَهُمْ تَعالَوْا يَسْتَغْفِرْ لَكُمْ رَسُولُ اللهِ لَوَّوْا رُؤُسَهُمْ وَرَأَيْتَهُمْ يَصُدُّونَ وَهُمْ مُسْتَكْبِرُونَ) ـ المنافقون ـ (٥) هذا بحسب الآيات وأما بحسب الروايات فالآثار والأدعية المأثورة عن أئمة أهل البيت (ع) مشحونة بالتوسل لهم والاستشفاع منهم ولا فرق في ذلك بين زمان حياته (ص) أو بعد وفاته ومفارقته هذه الدنيا الزائلة لأن القول بأن الإنسان ينعزل عن الحياة بعد انتقاله الى الدار الآخرة اي البرزخ ويعطل الحياة في حقه قول الدهرية والطبيعية والقرآن الكريم ينادي بأعلى صوته ان عباد الله الصالحين (أَحْياءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ فَرِحِينَ بِما آتاهُمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ) وكيف بأوليائه تعالى المقربين في كتاب كامل الزيارات ص ١٦ مسندا عن معاوية بن عمار عن أبي عبد الله (ع) قال إذا دخلت المدينة فاغتسل قبل ان تدخلها الى ان قال ثم تأتي قبر النبي (ص) فسلم على رسول الله (ص) ثم تقول الى ان قال اللهم انك قلت (وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا) الآية واني أتيت نبيك مستغفرا من ذنوبي واني أتوجه إليك بنبيك نبي الرحمة محمد (ص) يا محمد إني أتوجه الى الله ربي وربك ليغفر ذنوبي. الحديث.
وفي تفسير قوله تعالى (وَما كانَ اللهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ وَما كانَ اللهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ.) الأنفال ـ ٣٣ عدة من الروايات أن رسول الله (ص) يستغفر لأمته بعد وفاته أيضا.
منها ما رواه في البرهان ج ٢ ص ٧٩ عن الكليني مسندا عن حنان بن سدير عن أبيه عن أبي جعفر (ع) قال قال رسول الله (ص) مقامي بين أظهركم خير لكم فان